الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل

                                                                                                                                                                              كان أحمد بن حنبل يقول: إذا اشترى عبدا على أنه مسلم فوجده نصرانيا له أن يرده، لأنه عيب. وكذلك قال أبو ثور، وأصحاب الرأي، وهذا يشبه مذاهب الشافعي .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول: إذا كان العبد مخنثا أو زانيا أو سارقا فله أن يرده. وكذلك قال أصحاب الرأي في المخنث والسارق. وكذلك قال ابن القاسم صاحب مالك في المخنث .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: إذا كان ولد زنا فله أن يرده .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد يشترى وعليه دين لا يعلم به المشتري: فقالت طائفة: ليس ذلك بعيب ولا يؤخذ العبد بالدين حتى يعتق .

                                                                                                                                                                              كذلك قال أبو ثور، وحكاه عن الشافعي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: قال أصحاب الرأي: له أن يرده، إلا أن يقضي عنه البائع دينه أو يبرئه الغرماء .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن المشتري يخير إذا علم بالدين. هذا قول ربيعة، ومالك رحمهما الله . [ ص: 257 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ليس للمشتري خيار ولا شيء على البائع، ولا يؤخذ العبد به حتى يعتق. واختلفوا في الجارية تشترى وهي في عدة من طلاق أو موت .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: هو عيب ترد به، كذلك قال أبو ثور، وبه نقول .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: ليس بعيب ترد منه قالوا: وإن كان طلاقا يملك الرجعة كان عيبا. واختلفوا في الجارية تشترى على أنها بكر فيقول المشتري: لم أجدها بكرا، فقالت طائفة: القول قول المشتري مع يمينه. كذلك قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: القول قول البائع مع يمينه إلا أن يقيم المشتري البينة أنها ليست ببكر. وقال أبو ثور في العبد والأمة يشتريهما الرجل فيزوجهما ثم يجد بهما عيبا ليس له أن يردهما. وكذلك قال أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم في الجارية تشترى ولها زوج لا يعلم به المشتري أنها ترد به إن شاء المشتري .

                                                                                                                                                                              كذلك قال مالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي. وقال مالك في الجارية يوجد في رأسها الشيب: هو عيب . [ ص: 258 ]

                                                                                                                                                                              وكذلك البخر في الفم .

                                                                                                                                                                              وكذلك قال أصحاب الرأي. وكذلك نقول كل شيء ينقص من الثمن فهو عيب عند أهل العلم .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يهب الجارية على عوض ثم يجد بها عيبا، فقالت طائفة: ترد وهو بمنزلة البيع .

                                                                                                                                                                              كذلك قال أصحاب الرأي، وهو يشبه مذاهب الشافعي إذا كان العوض معتبرا، وكان أبو ثور يقول: ليس له أن يرجع بشيء ولا يردها إن وجد عيبا، وذلك أن الهبة خلاف الشراء، وإنما وهب كل واحد منهما لصاحبه هبة. وكان سفيان الثوري يقول في الصبي يسرق ويشرب الخمر، ويأبق: لا يرد منه إلا أن يكون محتلما. وكذلك قال إسحاق حتى يكون احتلام أو إنبات. وقال أحمد: ما جاز على عشرة فهو عيب يرد به .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية