الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العامل يخالف

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يدفع إلى الرجل مالا مضاربة ، فيخالف ما أمره به رب المال .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : هو ضامن ، والربح لصاحب المال . روي هذا القول عن أبي قلابة ، ونافع ، وبه قال أحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وروي عن ابن عمر أنه قال : الربح لصاحب المال .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : الربح على ما اشترطا عليه ، وهو ضامن للمال . روي هذا القول عن إياس بن معاوية ، وبه قال مالك .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : هو ضامن لرأس المال .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : إذا خالف فربح ، فالربح له في القضاء ، وهو في الورع [ ص: 575 ] والفتيا يتصدق بالربح ، ولا يصلح لواحد منهما .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : لا ضمان عليه وإن خالف .

                                                                                                                                                                              روي عن علي أنه قال : لا ضمان على من شورك في الربح . وروي معنى ذلك عن الحسن ، والزهري .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : من ضمن فله ربحه . روي هذا القول عن شريح .

                                                                                                                                                                              وحكي عن أحمد بن حنبل [قول سادس ] : في الرجل يكري إلى بلد من البلدان ، فيشتري بعض المال غير الذي قال له صاحب المال ، قال : أرى إذا هو خالف أن الربح لصاحب المال ، ولهذا أجر مثله ، لأنه خالف إلا أن تكون أجرته تحيط بالربح .

                                                                                                                                                                              وقد حكي عن الشافعي أنه قال فيه قولا سابعا ، قال الشافعي : ومن أعطى رجلا مالا قراضا ، ونهاه عن سلعة يشتريها بعينها فاشتراها ، فصاحب المال بالخيار ، إن أحب أن تكون السلعة له قراضا على شرطهما وإن شاء ضمن للمقارض رأس ماله .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وأصح من ذلك على مذهب الشافعي أن ينظر ، فإن اشترى السلعة التي لم يؤمر بها بعين المال ، فالبيع باطل ، وإن اشتراها بغير العين ، فالسلعة تلك للمشتري ، وهو ضامن للمال . [ ص: 576 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية