الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              العارية في الرهن

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا استعار من الرجل الشيء يرهنه على دنانير معلومة عند رجل سماه له إلى وقت معلوم فرهن ذلك على ما أذن له فيه أن ذلك جائز . [ ص: 551 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا فيه إذا استعار على أن يرهنه ولم يسم ما يرهنه به .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : لا يجوز ذلك حتى يسم لمالك الشيء ما يرهنه به .

                                                                                                                                                                              كذلك قال الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور ، وأصحاب الرأي : إذا لم يوقت له شيئا مما رهنه به فهو جائز ، وإذا أمره أن يرهنه بشيء فرهنه بأكثر منه فهو ضامن (في قول الشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي ، وكذلك إذا أمره أن يرهنه بشيء فرهنه بغيره كأنه أمره أن يرهنه بقمح فرهنه بزيت فهو ضامن) . والرهن مفسوخ ، وكذلك إذا أمره أن يرهنه بالبصرة فرهنه بالكوفة ، أو أمره أن يرهنه من فلان فرهنه من آخر فهو ضامن في قولهم جميعا .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يستعير من الرجل الثوب ليرهنه بعشرة دراهم وقيمة الثوب عشرون درهما فرهنه بعشرة دراهم فضاع الثوب عند المرتهن .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يرد الراهن العشرة التي أخذها على رب الثوب ويبطل حق المرتهن ، ولا يضمن المرتهن ولا الراهن من الفضل شيئا .

                                                                                                                                                                              هذا قول محمد بن الحسن . وكان أبو ثور يقول : لا ضمان عليه لصاحب الثوب إذا أعاره على أن يرهنه ، وذلك أن رجلا لو استعار من رجل دابة ليركبها إلى موضع فعطبت فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان يقول : إذا أعاره ثوبا ليرهنه فعطب الثوب فكل [ ص: 552 ] ما أخذه من (سبب) الثوب ما بينه وبين قيمة الثوب يرد عليه .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد : الثوب عارية هو ضامن حتى يؤديه . قال إسحاق كما قال سفيان . وإذا اختلف رب الثوب والمستعير فقال رب الثوب : أمرتك أن ترهنه بخمسة . وقال المستعير : أمرتني أن أرهنه بعشرة . فالقول قول رب الثوب في قول الشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي ، والمستعير ضامن لقيمته إن هلك .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية