الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              جناية العبد المرهون على غير الراهن والمرتهن

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد المرهون الذي يساوي ألفين وهو رهن بألف يقتل رجلا خطأ .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : الراهن المالك الخصم فيه يقال له : إن فديته بجميع أرش الجناية فأنت متطوع والعبد مرهون بحاله ، فإن لم يفعل لم يجبر على أن يفديه وبيع العبد في جنايته ، وكانت الجناية أولى به من الرهن كما تكون الجناية أولى به من [ملكك ] فالرهن أضعف من [ملكك ] . هذا قول الشافعي . [ ص: 557 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : يقال للراهن : إما أن يسلمه وإما أن يفديه . فإن فداه فهو رهن بحاله ، وإن سلمه فالدين على الراهن بحاله . هذا قول أبي ثور وقالت طائفة : يخير الراهن والمرتهن فإن شاءا دفعاه وبطل الرهن ، وإن شاءا فدياه [بالدية ] نصفين على كل واحد منهما النصف ، وكان رهنا على حاله وإن قال أحدهما : أدفع . وقال الآخر : أفدي . فليس يستقيم ذلك ، إما أن يدفعاه وإما أن يفدياه . هذا قول أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : هذا خطأ على قوله الجاهل ، وذلك أن عبدا لو كان بين رجلين فجنى على رجل جناية خطأ ، فقال أحدهما : أنا أدفع مالي فيه بمال منه ، وقال الآخر : أنا أفديه بقدر ما يلزمني من الجناية . فإن ذلك لهما لا أعلم بين أهل العلم في ذلك خلافا .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : إذا ارتهن عبدا فجنى عنده جناية ، فما جنى فهو عليه ليس على الذي رهنه شيء .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد المرهون جني عليه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : إذا جنى على العبد المرهون عبد للراهن أو المرتهن أو لغيرهما جناية أتت على نفسه ، فالخصم في الجناية سيد العبد الراهن والقصاص إليه ، يخير بين القصاص وأخذ قيمة عبده إلا أن يعفو . فإن اختار القصاص فله قتله وليس عليه أن يبذل المرتهن شيئا مكانه ، وإن اختار أخذ قيمة عبده دفعه إلى المرتهن إلا أن يشاء أن يكون قصاصا من حق المرتهن . هذا قول الشافعي . [ ص: 558 ]

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : إن اقتص السيد فليس للمرتهن شيء ، قد ذهب الرهن بما فيه إلا أن يكون للمرتهن فضل عن قيمة العبد . وقال أحمد : يؤخذ السيد برهن يكون قيمة العبد ، ومثله لو أن الراهن أعتق العبد جاز عتقه ، ويؤخذ للمرتهن مثل قيمة العبد ، فيكون رهنا عنده ، وكذلك قال إسحاق . [ ص: 559 ]

                                                                                                                                                                              [ ص: 560 ] [ ص: 561 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية