الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر بيع الزيادة في العطاء

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومما هو في معنى بيع الغرر: بيع الزيادة في العطاء، وقد اختلف فيه .

                                                                                                                                                                              7839 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا هشام، عن قتادة، عن [زرارة بن أوفى] ، عن ابن عباس : أنه كان يكره بيع الزيادة في العطاء إلا بعرض . [ ص: 49 ]

                                                                                                                                                                              7840 - حدثنا موسى، قال: حدثنا يسار بن موسى الخفاف قال: حدثنا عباد بن العوام قال: حدثنا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر : أنه كان لا يرى بأسا أن تباع صحف الأرزاق، ولكن لا يبيعها حتى يكتالها. قال: وكان زيد بن ثابت يفتي بذلك .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن شريح، والشعبي أنهما رخصا في شرائه. قال أحدهما: بعرض. وقال الآخر: بحيوان .

                                                                                                                                                                              وكره الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن كعب القرظي - رحمهم الله - الزيادة في العطاء إلا بعرض .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل: لا يبيعها إلا بعرض، فإذا مات الرجل انقطع ذلك. وكذاك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: الأرزاق التي يخرجها السلطان للناس يبيعها قبل أن يقبضها، ولا يبيعها الذي يشتريها قبل أن يقبضها .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا يجوز بيع ذلك. كذلك قال مالك رحمه الله قال: لا يجوز لا بعرض ولا بغيره. وبه قال أبو ثور، وحكي ذلك عن الكوفي . [ ص: 50 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد روينا عن الشعبي قولا ثالثا .

                                                                                                                                                                              روينا عنه أنه قال: لا آمر بها ولا أنهى عنها، وأنهى عنها نفسي وولدي، وقد فعل ذلك من هو خير مني، قلت: من؟ قال: أمير المؤمنين .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: يبطل بيع زيادة العطاء من وجهين. أحدهما: أنه من بيع الغرر، وذلك أن الذي يشتري العطاء إنما يشتري زيادة زيد المعطى من بيت المال، وتلك الزيادة غير مضمونة للمشتري، ولا يدري المشتري هل يصل إليها أم لا؟ وهل يستحقها من جعلت له أم لا؟ لأنه قد يموت قبل أن يستحقها .

                                                                                                                                                                              والوجه الثاني: أنه بيع ما لا يملك بعينه، لأن ذلك إما عدة من المعطي، وإما إعطاء شيء في معنى آخر ولا يستحقها إلا بالقبض .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية