الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في الرهن يهلك عند المرتهن

                                                                                                                                                                              افترق أهل العلم في الرهن يتلف عند المرتهن خمس فرق : فقالت فرقة : يترادان الفضل . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وبه قال عبيد الله بن الحسن ، وأبو عبيد ، وإسحاق بن راهويه ، وروي ذلك عن عطاء .

                                                                                                                                                                              8348 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا همام بن يحيى ، قال : أخبرنا قتادة ، عن خلاس ، أن عليا قال في الرهن : يترادان الزيادة والنقصان ، فإن أصابته جائحة برئ . [ ص: 523 ]

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة : إذا تلف الرهن كان من مال الراهن ، وحق المرتهن ثابت على الراهن .

                                                                                                                                                                              كذلك قال الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة : إن كان الرهن أكثر مما رهن به فهلك فهو بما فيه ، والمرتهن أمين في الفضل ، وإن كان أقل رد عليه النقصان .

                                                                                                                                                                              هكذا قال النخعي ، وسفيان الثوري ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة : ذهبت الرهان بما فيها . يروى هذا القول عن شريح .

                                                                                                                                                                              والحسن ، والشعبي .

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة : إن كان الرهن [مما يظهر تلفه مثل ] حيوان أو أرض أو دار فهلك في يدي المرتهن فعلم هلاكه أنه من الراهن ، فإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئا ، وما كان من رهن يهلك من يدي المرتهن فلا يعلم هلاكه إلا بقوله : فهو من المرتهن وهو بقيمته ضامن .

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك بن أنس رحمه الله .

                                                                                                                                                                              وفيه قول سادس : وهو إن كان الرهن ذهبا أو فضة يترادان الفضل ، وإن كان حيوانا فهو بما فيه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبقول الشافعي أقول ، وذلك أنهم قد اتفقوا أن للمرتهن مطالبة الراهن بما عليه من المال والرهن بيده ، وأجمعوا أن الراهن لا يحل له أن يجحده المال في هذه الحال ، وأن المال في ذمته ، والرهن قائم . [ ص: 524 ]

                                                                                                                                                                              وأجمعوا أن الرهن لو كانت قيمته عشرة دنانير ثم صار قيمته مائة دينار أن ذلك للراهن ، ولو رجع إلى أن يسوى خمسة دنانير كان للراهن ، فلما أجمعوا على ثبوت ملك الراهن عليه ولم تقم حجة أن للمرتهن فيه شيئا فتلف كان من مال المالك .

                                                                                                                                                                              8349 - قال : حدثنا أبو الحسن الأصبهاني بمصر قال : حدثنا عبد الله بن عمران العابدي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه " .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية