الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يحتال بالمال على مليء من الناس ثم يفلس المحال عليه أو يموت .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يرجع على المحيل بماله . روي هذا القول عن عثمان بن عفان ، وليس يثبت ذلك عنه ، لأن معاوية بن قرة لم يلقه ، وخليد زعم بعضهم أنه لا يعرف .

                                                                                                                                                                              وبه قال شريح ، والشعبي ، والنخعي .

                                                                                                                                                                              8374 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني خليد أبو سليمان - وقال : من أصدق الناس - قال : سمعت أبا إياس معاوية بن قرة نسبه إلى عثمان في الحوالات ، أنه ليس على مال مسلم توى . [ ص: 607 ]

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا مات الذي أحيل عليه ولم يترك وفاء ، رجع على المحيل في قول النعمان ، ويعقوب ، ومحمد وإن أفلس وفلسه القاضي رجع أيضا في قول يعقوب ، ومحمد .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن لا يرجع ما دام حيا حتى يموت ولا يترك شيئا ، فإن الرجل ليوسر مرة ويعسر مرة . هذا قول الحكم .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : إذا أحيل على ملي فاحتال برئ المحيل مما أحاله به ، ولا يرجع على المحيل بالمال أفلس المحال عليه أو مات . هذا قول مالك بن أنس ، والليث بن سعد ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأبي عبيد ، وأبي ثور . غير أن مالكا شرط فيه شرطا لم يذكره أولئك ، قال مالك رحمه الله : إذا أحاله عليه وهو مليء فرضي بذلك وبرأه ثم أفلس ، أو كان مفلسا يعلم به ورضيه ، فليس له أن يرجع إلى هذا الأول ، وإن كان أحاله على رجل لا يدري أنه مفلس ولا يعرفه ، [ ص: 608 ] ثم اطلع على ذلك فإنه يرجع إلى صاحبه ، لأنه غره به ولم يطلع منه على ما اطلع هذا . ابن وهب عنه .

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : ولو لم يكن في الحوالة دلالة من حين يتبع ، وصرنا إلى أن نقول فيها بما يعرف في لسان العرب ما عددنا ما قلنا ، وذلك أن موجودا في قول الرجل أحلته وأبرأني أي : حولت حقه عني وأثبته على غيري ، فإذا تحول الحق عن رجل وثبت على غيره لم يرجع ما قد صار على غيره ثابتا لصاحب الحق إلا بأن يرده هو على نفسه .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن الحسن البصري أنه كان لا يرى الحوالة براءة إلا أن يبرئه ، فإذا أبرأه برئ .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية