الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العامل ورب المال يختلفان في بيع السلع

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العامل ورب المال يدعو أحدهما إلى بيع السلع التي اشتريت من مال القراض ويأبى [الآخر ] .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : أيهما دعا إلى البيع فالقول قوله . كذلك قال الشافعي ، وقال أبو ثور كذلك إذا كان مما لا ضرر فيه .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : لا ينظر إلى قولهما ، ويسأل أهل المعرفة والبصر بتلك السلعة ، فإن رأوا وجه بيع بيعت عليهما ، وإن رأوا وجه إمساك أمسك .

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك رحمه الله .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن ينظر فإن كان فيه ربح جبر صاحب المال على أن يبيع ، وإن لم يكن فيه ربح لم يجبر على البيع في ذلك إذا قال رب المال : لا يباع . وقال المضارب : أنا أبيعه . هذا قول سفيان الثوري ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وقال أصحاب الرأي : إذا أراد المضارب أن يمسكه حتى يجد به ربحا كثيرا وأراد رب المال بيعه ، فإن كان المال لا فضل فيه جبر [المضارب ] على بيعه أو يعطيه رب المال برأس ماله ، وإن كان في المال فضل ، وكانت المضاربة ألفا والمتاع يساوي ألفين ، فإن المضارب يجبر على بيعه إلا أن يشاء [ ص: 583 ] المضارب أن يعطي رب المال ثلاثة أرباع المال برأس ماله وحصته من الربح ، ويسلم رب المال ربع المال للمضارب بحصته من الربح ، فإن أبى ذلك رب المال أجبر على ذلك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : بقول الشافعي أقول ، لأني لا أعلم خلافا أن رب المال لو أراد بعد دفعه المال إلى العامل نزع ذلك منه قبل الشراء كان ذلك له ، وكذلك لو أراد العامل رد المال بعد قبضه إلى رب المال أن له ذلك ، فلما كان ذاك كذلك فإن لكل واحد منهما الخيار في الخروج مما دخل فيه أي وقت طلب ذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية