الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في الدين يكون على الرجل إلى أجل يموت قبل محل الأجل

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الدين يكون على الرجل إلى أجل ، يموت الذي عليه الدين قبل محل الأجل .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة - وهي أكثر الطوائف عددا - : إذا مات حل ما عليه من الدين . هكذا قال إبراهيم النخعي ، والحسن البصري ، والشعبي ، والزهري ، وسوار بن عبد الله ، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وقال النخعي ومالك : إذا أفلس الرجل حلت الديون التي عليه .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن الدين إلى أجله إن (وثقوا) الورثة .

                                                                                                                                                                              هذا قول محمد بن سيرين ، وعبيد الله بن الحسن ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وقال أحمد : ما [أحسن ] ما قال ابن سيرين في هذا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد روينا هذا عن شريح ، ولا يثبت ذلك عنه ، وبه قال أبو عبيد : إذا كانوا الورثة أملياء وضمنوه ضمانا باتا .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن الدين إلى أجله . [ ص: 612 ]

                                                                                                                                                                              هكذا قال طاوس ، والزهري ، وأبو بكر بن محمد ، وسعد بن إبراهيم .

                                                                                                                                                                              وقال الليث بن سعد : إذا أفلس أو مات وعليه دين إلى أجل فقد حل دينه ، إلا أن يقول الغرماء لصاحب الدين إلى أجل : خل بيننا وبين ماله ننتفع به إلى أجلك ونحن ضامنون لحقك ، قال : فذلك لهم . قال ابن وهب : قلت له : أرأيت لو قال الورثة مثل ذلك للغرماء : نحن ضامنون هذا الحق إلى الأجل . فقال : ليس ذلك لهم . فقيل له : لمكان الميراث ؟ قال : نعم وغير ذلك ، ولا يقبل ذلك من الورثة إن قالوا لمكان الميراث .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن ديون الميت على الناس إلى الآجال أنها إلى آجالها ، لا تحل بموته .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري والشافعي : إذا تكفل الرجل عن الرجل بالدين ، فمات الحميل قبل محل الدين أخذ من مال الكفيل ، وليس لورثة الكفيل أن يرجعوا على المحمول عنه حتى يبلغ الأجل .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية