الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ضمان الرجل عن الرجل بغير أمره

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يضمن عن الرجل مالا بغير أمره فيؤدي المال ، ويريد الرجوع به على الذي أدى عنه . فقالت طائفة : يرجع به عليه . هذا قول عبيد الله بن الحسن ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وشبه أحمد ذلك بالأسير يشتريه الرجل من العدو بغير أمره . قال أحمد : أليس كلهم [ ص: 613 ] قال : يرجع عليه بالثمن ، قال أحمد : يرجع عليه بالثمن ، وإن لم يكن أمره أن يشتريه . قال إسحاق كما قال ، لأن اللازم للمسلم إذا عاينه أن يستنقذه ، فإن نوى الارتجاع عليه بما استنقذه كان له شاء الأسير أو [أبى ] .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفيه قول ثان : وهو أن لا يرجع به عليه إذا أدى عنه بغير أمره وهو متطوع بالأداء في قياس قول الشافعي . وبه قال أصحاب الرأي ، وكذلك نقول ، لأنه متطوع ، وإذا اختلفوا لم يجز أن نلزم الذي أدى عنه الدين ذلك بغير حجة ، ولا نعلم حجة توجب ذلك .

                                                                                                                                                                              فأما تشبيه أحمد بن حنبل ذلك بالأسير ، وقوله : أليس كلهم قال في الأسير : يرجع عليه بالثمن . فالجواب فيه : أن الناس مختلفون في ذلك ، فإن الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والزهري ، ومالكا ، والأوزاعي ، وشريكا ، وأحمد ، وإسحاق يقولون : يأخذ منه ما اشتراه به .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن ذلك ليس على الأسير . هذا قول سفيان الثوري ، والشافعي ، ولا أحسب أحمد حفظ في هذه المسألة إلا قول أولئك ، ولو كانوا قد أجمعوا في الأسير أن له أن يرجع عليه لم يجز أن يجعل قضاء الدين قياسا عليه ، لأن استنقاذ الأسارى واجب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، وقضاء ديون المسلمين ليس بفرض [عليهم ] كاستنقاذ الأسارى . [ ص: 614 ]

                                                                                                                                                                              8375 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أطعموا الجائع ، وعودوا المريض ، وفكوا العاني " .

                                                                                                                                                                              وفي حديث مقسم عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار : أن يعقلوا معاقلهم وأن يفكوا عانيهم بالمعروف .

                                                                                                                                                                              وقد ذكرت هذا الباب بتمامه في مختصر كتاب الجهاد .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية