الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الوقت الذي ينقطع إليه شفعة الشفيع

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الوقت الذي ينقطع فيه شفعة الشفيع .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : إذا علم بها الشفيع فلم يطلب مكانه فلا شفعة له . هكذا قال أصحاب الرأي ، وهو مذهب ابن شبرمة ، والبتي ، وعبيد الله بن الحسن ، إذا علم بالبيع والثمن فلم يطلبها ساعة علم بطلت شفعته .

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : لا شفعة له إذا علم ثم سكت .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إن أخر الطلب فذكر عذرا من مرض أو غيره كان على شفعته لا وقت في ذلك إلا أن يمكنه ، وعليه اليمين ما ترك ذلك رضا بالتسليم ولا تركا لحقه فيها .

                                                                                                                                                                              وقال الشعبي : إذا بيعت الشفعة وهو شاهد لا يغير ، فليست له شفعة .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن خيار الشفعة ثلاثة أيام . كذلك قال ابن أبي ليلى قال : هو بالخيار ثلاثة أيام بعد علمه . وكذلك قال الثوري : آخر حد الشفعة ثلاثة أيام ، إذا علم فلم يأخذها فلا شفعة له . [ ص: 491 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن من اشترى أرضا لناس حضور فيه شفعة فليرفعهم إلى السلطان ، فإما أن يستحقوا وإما أن يسلم لهم السلطان ، فإن تركهم ولم يرفع أمرهم إلى السلطان وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه ، ثم جاؤوا يطلبون شفعتهم فلا أرى لهم ذلك .

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك بن أنس . وسئل مالك عن رجل باع شركا له في دار ، فأقام الشريك تسعة أشهر ثم طلب ، قال : أرى أن يحلف ما كانت إقامته تركا لشفعته ، ثم يأخذ الشفعة . وحكى عنه ابن وهب أنه قال : تنقطع الشفعة إذا مضت السنة وصاحبها حاضر .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع : وهي الرواية الثانية عن الشعبي قال : إذا مضى على الشفعة يوم فلا شفعة له .

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس : قال قائل : جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة حقا للشفيع ، ولم يجعل له وقتا ، فللشفيع أن يأخذ في كل حال أو يترك ، إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يمنعه من ذلك . واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الشفعة حقا للشفيع كما جعل الاقتصاص حقا لولي المقتول . وقد أجمعوا على أن ذلك ثابت أبدا ما لم يقف . ويسأل من خالف هذا القول عن الفرق بين ذلك وبين الشفعة . [ ص: 492 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية