الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              الشفعة في بيع الخيار

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الشفعة في الشقص المشترى بشرط الخيار .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : لا شفعة فيه حتى يقطع المشتري الخيار . كذلك قال مالك .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : إن كان الخيار للبائع فلا شفعة فيه ، وإن كان الخيار للمشتري فللشفيع فيها شفعة .

                                                                                                                                                                              وفي قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد : وإن كان الخيار للبائع لم يكن للشفيع فيها شفعة حتى يوجب البائع البيع . [ ص: 493 ]

                                                                                                                                                                              واختلفوا في البائع والمشتري يختلفون في الثمن الذي اشترى به الشقص .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : إذا قال البائع : بعتك بألف ، وقال المشتري والشفيع : بعته بخمسمائة تحالفا وترادا ، وكان الشفيع بالخيار في أخذها بالألف أو تركها . هذا قول الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : القول قول البائع مع يمينه ، ويأخذ الشفيع الشقص باليمين الذي حلف عليه المشتري .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العرض يشترى به الشقص ثم يختلفان في قيمته .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : القول قول المشتري مع يمينه ، وإن شاء الشفيع أخذ وإن شاء ترك . كذلك قال مالك وأصحاب الرأي ، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي إذا كان العرض قائما قوم وأعطي قيمته .

                                                                                                                                                                              وفي قول ابن أبي ليلى وابن شبرمة : يأخذ الذي فيه الشفعة بقيمة العرض . وهو قول ربيعة . وحكي عن الحسن أنه كان لا يجعل فيما يشترى بأرض أو دار وبعرض شفعة ، وكان سوار يقضي به .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ولعل من حجة من يقول هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما حكم بالشفعة للشفيع على أن يرد مثل الثمن الذي اشتراها به المشتري فكل ما لا مثل له فلا شفعة فيه ، وكل ما له مثل ففيه شفعة . [ ص: 494 ]

                                                                                                                                                                              ومن جهة من قال يأخذ قيمة العرض إجماع الجميع على أن من استهلك لرجل مالا له مثل أن عليه مثله ، وإن لم يكن له مثل ، فعليه قيمته . فأقاموا القيمة مقام المثل ، فكذلك للمشتري قيمة العرض ، وهو يقوم مقام المثل .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إن اشترى الدار بشيء مما يكال أو يوزن أخذها الشفيع بمثل الثمن ، وإن اشتراها بما لا يكال ولا يوزن من الحيوان والعروض أخذها الشفيع بقيمة ذلك . والله أعلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية