الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر النهي عن بيع الملامسة والمنابذة

                                                                                                                                                                              7830 - حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين: الملامسة، والمنابذة فأما المنابذة: فإذا ألقى إليه الثوب وجب البيع، والملامسة أن يلمسه بيده ولا يقلبه ولا ينشره .

                                                                                                                                                                              7831 - وحدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا وهب بن منبه الواسطي، حدثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن - يعني ابن إسحاق - عن الزهري، عن عامر بن سعد، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة .

                                                                                                                                                                              والملامسة: لمس الثوب، والمنابذة: أن يطرح الرجل الثوب إلى الرجل قبل أن يقلبه وينظر إليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وممن قال بما في هذا الحديث من التفسير مالك، والأوزاعي، وأحمد . قال مالك: هو أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يبين ما فيه، وقال الأوزاعي : الملامسة أن يلمس الثوب باليد ويباع على ذلك، وقال أحمد: يلمس بعض الثوب ولا يراه كله إذا لمسه [ ص: 37 ] وجب البيع، وقال الشافعي: الملامسة أن يأتي الرجل بثوب مطويا يقول رب الثوب: أبيعك هذا على أنه إذا وجب البيع فنظرك إليه اللمس لا خيار لك إذا نظرت إلى جوفه وطوله وعرضه، وحكى أبو عبيد فيها قولين: أحدهما أن يقول: إذا لمست ثوبي ولمست ثوبك فقد وجب البيع، ويقال: بل هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب فيقع البيع على ذلك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: البيع في هذا كله يفسد لنهي النبي عليه السلام عن ذلك، وقد اختلف في معنى المنابذة، فكان مالك يقول: المنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ إليه الآخر ثوبه على غير تأمل منهما ويقول كل واحد منهما لصاحبه: هذا بهذا .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: هو أن ينظر الرجل إلى ثوب الرجل في يده مطويا فيقول: أشتري هذا منك، فإذا نبذته إلي وتم البيع بيني وبينك بتسمية الثمن والتفرق بعد البيع فقد وجب ولا خيار لي إذا عرفت طوله وعرضه، ومن المنابذة أن يشتري الثوب بالثوب هكذا ثم ينتبذ كل واحد منهما إلى صاحبه .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: إذا نبذت إليك الثوب فقد وجب البيع، وقال أبو عبيد : فيها قولان: أحدهما كمعنى قول أحمد، ويقال: هو أن يقول: إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع وهو معنى نهيه عن بيع الحصى . [ ص: 38 ]

                                                                                                                                                                              وقال أبو بكر: وهذه المعاني قريبة بعضها من بعض، والبيع في ذلك كله لا يجوز .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية