الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الأخبار الدالة على أن الافتراق افتراق الأبدان

                                                                                                                                                                              8067 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا ابن أبي ركين، ويونس بن عبد الرحيم، قال: حدثنا أبو حفص هو عمرو بن أبي سلمة عن أبي معبد، عن سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، أنهما كانا يقولان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اشترى بيعا فوجب له فهو بالخيار ما لم يفارقه صاحبه، إن شاء أخذ وإن فارقه فلا خيار له" .

                                                                                                                                                                              8068 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن جميل بن مرة، عن أبي الوضيء، قال: كنا مع أبي برزة فباع رجل منا غلاما بفرس ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحا ندم الرجل وقام إلى فرسه ليسرجه، وأبى الآخر، فاحتكما إلى أبي برزة فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" قال جميل: ولا أرى أنكما افترقتما . [ ص: 227 ]

                                                                                                                                                                              8069 - أخبرنا محمد، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني الليث بن سعد أن نافعا حدثه عن عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تبايعا الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا وكانا جميعا، ويخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن يتبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع" .

                                                                                                                                                                              8070 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو رجاء، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وبقول ابن عمر أقول، وهو أعلم بمعنى ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وما قلناه بين في ألفاظ أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لمتأول معها تأويل، وهو قول أكثر علماء أهل الأمصار، وغير جائز أن يخفى على ابن عمر، وأبي برزة وهما ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"، ومن المحال أن يخفى على الصحابي الذي روى [ ص: 228 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى خبره ويستخرجه بعض المتأخرين مع أن في ألفاظ هذه الأخبار بيان ما ذكرناه .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في معنى قوله: "إلا بيع الخيار"، فقالت طائفة: إذا تبايع الرجلان ثم قال أحدهما لصاحبه: اختر إنفاذ البيع أو فسخه فاختار إمضاء البيع فقد تم البيع بينهما وإن لم يفترقا .

                                                                                                                                                                              هذا قول سفيان الثوري، والأوزاعي، وابن عيينة، وعبيد الله بن الحسن، والشافعي وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا خير أحدهما صاحبه أو لم يخيره، على ظاهر الأخبار أن الخيار لهما ما لم يتفرقا .

                                                                                                                                                                              هذا قول أحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة ثالثة: يجب البيع بالعقد، وليس لافتراقهما بأبدانهما معنى يعتل به. هذا قول مالك وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية