الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب اللحم باللحم

                                                                                                                                                                              افترق أهل العلم في بيع اللحوم بعضها ببعض ثلاث فرق، فقالت فرقة: اللحمان كلها صنف واحد وحشية وإنسية وطائرة، لا يجوز أن يباع منها شيء بشيء إلا مثلا بمثل يدا بيد. حكى هذا القول عن الشافعي بعض أهل العراق، وبه قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وأحسب أن هذا قول كان يقوله الشافعي ثم رجع عنه. وجعل أبو ثور ذلك كالحنطة الموصلية والميسانية والأجناس المختلفة، وكذلك التمر البرني وللشهريز والأزاد والسكر .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: اللحمان ثلاثة أصناف: الإبل، والبقر، والغنم، والوحش كلها صنف واحد لا يجوز من لحومها واحد باثنين، والطير [ ص: 216 ] كلها واحد صغيرها وكبيرها، وحشيها، وإنسيها، لا يصلح من لحمها اثنان بواحد، والحيتان كلها صنف واحد. هذا قول مالك بن أنس، قال مالك: ولا بأس بلحم الحيتان بلحم البقر والإبل والغنم اثنان بواحد يدا بيد. وكان سفيان الثوري يقول: أكره البقر بلحم الغنم اثنين بواحد. وقالت فرقة ثالثة: لحم الغنم صنف، ولحم الإبل صنف، ولحم الظباء صنف، ولحم كل ما تفرقت به اسم دون الأسماء الجامعة صنوف، يجوز الفضل في بعضها على بعض يدا بيد، ولا يجوز فيه نسيئة، هذا قول الشافعي. وقال النعمان : لا بأس بلحم الإبل بلحم البقر، ولحم البقر بلحم الغنم اثنان بواحد يدا بيد، ولا يجوز نسيئة. وقال محمد بن الحسن في لحم الغنم بلحم البقر كما قال النعمان .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: كقول الشافعي أقول، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بينهما، وجعل صدقاتها مختلفة، فإذا افترقت الأنعام بالسنة وجب أن يفرق بينها إذا اختلفوا، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية