الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العرايا

                                                                                                                                                                              7877 - حدثنا محمد بن مهل، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها، ولم يرخص في غير ذلك . [ ص: 75 ]

                                                                                                                                                                              7878 - أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المزابنة - والمزابنة بيع الثمر بالتمر - إلا أنه أرخص في العرايا .

                                                                                                                                                                              7879 - أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي، قال أخبرنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار قال: سمعت سهل بن أبي [حثمة] يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر إلا أنه رخص في العرايا أن تباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في القول بهذه الأخبار، فقال أكثر أهل العلم: بيعه جائز، جعلوه مستثنى من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر، وعن بيع الرطب بالتمر، وعن المزابنة. كذلك قال مالك بن أنس رحمه الله فيمن تبعه من أهل المدينة، وبه قال الأوزاعي فيمن وافقه من أهل الشام، وكذلك قال الشافعي، وأصحابه، وبه [ ص: 76 ] قال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد، ومن تبعه من أهل العلم. وعدلت طائفة عن القول بظاهر هذه الأخبار، وخالفتها، وقالت: هو بيع الثمر بالتمر .

                                                                                                                                                                              وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

                                                                                                                                                                              هذا قول النعمان وأصحابه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فبيع العرايا جائز على ما جاءت به الأخبار، لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي أرخص في بيع العرايا هو الذي نهى عن بيع الثمر بالتمر، وليس قبول أحد الخبرين أولى من الآخر، ولا فرق بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند المرء وإذنه في العرايا، فمن استثنى من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند المرء ما أذن فيه من السلم وأبى أن يقبل الاستثناء في العرية من جملة ما نهى عنه من بيع الثمر بالتمر، تناقض في مذهبه غير متبع ما يجب عليه فيه فأما دعوى بعض أصحاب الرأي أن بيع العرايا منسوخ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر فهو نفس المحال، لأن الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن المزابنة هو الذي روى الرخصة في العرايا، فأثبت النهي والرخصة معا، ولا يكون الرجل متبعا للسنن حتى يضع الأخبار مواضعها ويقول بكل خبر منها في موضعه . [ ص: 77 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية