الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر الصفقة تجمع ما يملكه البائع وما لا يملكه

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يبيع ما يملك وما لا يملك في صفقة واحدة .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : البيع باطل . كذلك قال الشافعي ، وأبو ثور ، وروي عن الزهري . وقال أبو ثور : لما أجمعوا أن من باع سلعة بالقيمة أن البيع باطل ، فلما أبطلوا أن تكون القيمة ثمنا كان البيع في السلعتين إذا رجعتا إلى القيمة باطلا . وحكي عن الكوفي أنه قال : إذا باع عبدين فكان أحدهما حرا كان البيع باطلا ، وإذا كان أحدهما مسروقا أو مغصوبا إلا أنه مملوك كان البيع جائزا ويرد الذي ليس له بالقيمة . وكذلك حكي عن محمد [بن ] الحسن : إذا كان أحدهما حرا أن البيع فاسد ، وإن كان أحدهما مكاتبا أو مدبرا ، فإنه يرد المكاتب والمدبر بحصته من الثمن ، ويلزمه الآخر بحصته من الثمن .

                                                                                                                                                                              وحكي عن عبيد الله بن الحسن أنه جعل لمن اشترى دارا فاستحق ثمنها الخيار في أن يأخذ نصفها بنصف الثمن .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قول الشافعي قول صحيح .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العبد يدس المال إلى من يشتريه من مولاه فيعتقه . [ ص: 362 ]

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : البيع باطل ، والعتق باطل ، كذلك قال الحسن . وقال الشعبي : لا يجوز ويعاقب .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : البيع جائز ، والعتق جائز ، ويرد المشتري على سيد العبد مثل الثمن الذي ابتاعه ، هذا قول النخعي ، وسفيان الثوري . وقال أحمد : يرد الدراهم على المولى ، ويأخذ المشتري بالثمن ، والعبد حر . في مذهب الشافعي إن اشترى العبد بعين المال الذي دفعه العبد مما كان بيده فالبيع باطل ، والعتق باطل ، والذي قبض مما كان بيد العبد إنما هو ماله له قبضه ، وإن اشتراه بغير عين المال فالشراء جائز ، والعتق لازم ، والولاء للمعتق ، وعليه أن يوفي المولى الثمن من ماله ، ويدفع ما قبض من العبد إلى المولى إن لم يكن دفعه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : هكذا نقول .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية