الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الدعوى في الطريق

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا كان للرجل باب في دار رجل من داره ، فأراد أن يمر من ذلك الباب في دار الرجل ، فللرجل منعه من ذلك ، وليس يستحق المدعي في هذه المسألة شيئا إلا ببينة تثبت له على أن له طريقا ثابتا في دار الرجل ، فإن جاءت بينة تشهد بأن له في دار الرجل طريقا ثابتا كان له أن ينصرف منه على ما ثبتت البينة ، وإن لم تثبت بينة استحلف صاحب الدار للمدعي على دعواه ، وهذا على قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              قال أبو ثور : فإن جاء شاهدان فشهدا أن هذا كان ينصرف من هذا الباب ولم يقولوا بحق ففيها قولان : أحدهما : أن لا يحكم له بشيء لأنه قد ينصرف بإذن صاحب الدار وبغير إذنه ، فإذا لم يشهدوا له بحق فلا شيء له . والآخر : أن مروره فيه مثل شيء بيده ولا يمنع منه إلا بحق .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : لا يستحق بهذه الشهادة شيئا حتى يشهدوا أن له طريقا ثابتا فيها ، فإن شهدوا بذلك جازت شهادتهم ، وإن لم يحدوا الطريق ولا يسموا ذرعا عرضا ولا طولا بعد أن يقولوا إن له طريقا في هذه الدار من هذا الباب إلى باب الدار ، فإذا شهدوا بهذا فهو جائز .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور في الشهادة في الطريق : إذا لم يسموا ذرعا عرضا ولا طولا كما قال أصحاب الرأي . وقالوا جميعا : وكذلك لو قالوا مات أبوه وترك هذا الطريق ميراثا له ولم يحدوا طولا ولا عرضا كانت شهادتهم جائزة . [ ص: 171 ]

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : وإذا كان لرجل ميزابا في دار رجل ، فأراد أن يسيل فيه الماء فمنعه صاحب الدار ، كان الحكم فيه مثل الحكم في المسائل قبلها في قول أبي ثور ، وفي قول أصحاب الرأي كما قالوا .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : فإن شهدوا أنه لماء المطر خاصة فهو كما شهدوا .

                                                                                                                                                                              أنه مسيل ماء دائم للغسل والوضوء ولماء المطر فهو جائز ، وإن شهدوا أن له مسيل ماء ولم ينسبوه إلى شيء مما سميناه كان القول قول صاحب الدار مع يمينه ، وذلك أن الشهود شهدوا له بحق في الدار ولم يقوموا عليه ، فالقول في ذلك قول رب الدار ، فإن لم يكن له بينة أراد رب الدار استحلافه استحلف ، فإن حلف برئ وإن نكل ( حكم) المدعي وحكم له بدعواه . وكذلك قال أصحاب الرأي إلا في رد اليمين ، فإنهم يلزمون المدعى عليه بالنكول الحق .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية