الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر شهادة شارب الخمر إذ هو مقيم عليه

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا كان الرجل ممن يشرب الحرام من الشراب حتى يسكر ثم تاب فشهد شهادة وجب أن تقبل شهادته إذا كان عدلا .

                                                                                                                                                                              6726 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن عبد الله بن شداد ، عن ابن عمر أن عمر كتب إلى أبي موسى في رجل شرب الخمر قال : إن تاب فاقبل شهادته .

                                                                                                                                                                              وروينا عن الشعبي أنه أجاز شهادة رجل ضرب في الخمر .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ولا أعلمهم يختلفون فيمن كان يشرب خمرا فتاب أن شهادته مقبولة ، واختلفوا فيمن يشرب مسكرا متأولا أو غير متأول فكان الشافعي يقول [ ص: 299 ] من شرب من الخمر شيئا وهو يعرفها خمرا ، والخمر عصير العنب الذي لا يخالطه ماء ، ولا يطبخ بنار ، ويعتق حتى يسكر ، هذا مردود الشهادة; لأن تحريمها نص في كتاب الله أسكر أو لم يسكر ، ومن شرب ما سواها من الأشربة من المنصف والخليطين ، ومما سوى ذلك مما زال أن يكون خمرا . وإن كان يسكر كثيره فهو عندنا مخطئ بشربه آثم به ، ولا أرد شهادته به ، وليس بأكثر ممن أجزنا به شهادته من استحلال الدم المحرم عندنا والمال المحرم عندنا ، والفرج المحرم عندنا ، ما لم يسكر منه ، فإذا سكر منه فشهادته مردودة من قبل أن السكر عند جميع أهل الإسلام محرم إلا أنه قد حكي لي عن فرقة أنها [لا] تحرمه ، وليست من أهل العلم ، فإذا كان الرجل المستحل للأنبذة يحضر مع أهل السفه الظاهر ، ويترك لها الحضور للصلوات وغيرها ، وينادم عليها ، ردت شهادته بطرحه المروءة وإظهار السفه ، وأما إذا لم يكن ذلك معها لم ترد شهادته من قبل الاستحلال . وكان سوار بن عبد الله البصري يرى أن تقبل شهادة من يضع الباطية ويدير الكأس . وقال أبو ثور : من عاقر الشرب وسكر ، وكان ذلك يدعوه إلى ترك الصلاة لم تجز شهادته . وقال أصحاب الرأي : لا تجوز [ ص: 300 ] شهادة الفاسق ، ولا شهادة آكل الربا المشهور بذلك المعروف به عليه ، ولا شهادة مدمن خمر ، ولا شهادة مدمن السكر ، ولا شهادة المخنث .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية