الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر مواريث أهل الذمة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في النصراني يترك ورثة يهودا ، وفي اليهودي يترك ورثة نصارى أو مجوس .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : الإسلام ملة ، والشرك ملة ، يرث أهل الإسلام بعضهم بعضا ، وكذلك أهل الشرك يرث بعضهم بعضا ، يرث اليهودي النصراني ، والنصراني المجوسي ، هذا قول الحكم ، وحماد ، وابن شبرمة ، وسفيان الثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : اليهودية ملة ، والنصرانية ملة ، والمجوسية ملة ، [ ص: 475 ] فلا يرث اليهودي النصراني ، ولا النصراني اليهودي ، ولا المجوسي .

                                                                                                                                                                              هذا قول الزهري ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح ، وأحمد ، وإسحاق ، وقد احتج بعض من يقول بهذا القول بالحديث الذي روي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يتوارث أهل ملتين شتى " ، واحتج آخر بأن كل ملة من هذه الملل تشهد على التي تخالفها بالكفر وتتبرأ منها ، ولكل واحدة منها شريعة غير شريعة التي تخالفها ، ألا ترى أن اليهود تقر بنبوة موسى وتنكر نبوة عيسى ، والنصارى تقر بنبوة عيسى ، وهم مختلفون في أصل التوحيد ، قال الله - جل وعز - : ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                              وقال بعض من يخالف هذا القول ويزعم أن الكفر وإن كانت ملل فإن بعضها يرث بعضا; لأن الله ورث الآباء من الأنباء ، والأبناء من الآباء ، ذكر ذلك في كتابه [ذكرا] عاما ، فعلى ظاهر الآية يرث كل [ ص: 476 ] من وقع عليه اسم ولد ووالد ، فلما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم " وجب أن يستثنى من جملة الكتاب من استثناه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو من أجمع أهل العلم على أنه لا يرث من المماليك [والقتلة] ، وكل مختلف فيه - بعد (. . .) وجب أن يستثنى مما ذكرناه - مردود إلى ظاهر كتاب الله ، ولا يثبت حديث عبد الله بن عمرو الذي فيه "أنه لا يتوارث أهل ملتين شتى " ولو ثبت لجاز أن يريد الإسلام والكفر ، فيكون موافقا لحديث أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية