الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر استحلاف من لا يعلم بينه وبين صاحبه معاملة

                                                                                                                                                                              ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، دخل في ذلك الأخيار والأشرار ، والمسلمون والكفار ، الرجال والنساء ، علم بين المدعي والمدعى عليه معاملة أم لم يعلم له حق لهم في [ ص: 25 ] ظاهر الخبر ، وقد اختلف في هذه المسألة فكان الشافعي وأصحابه ، وأصحاب الحديث ولا أعلمه إلا قول أصحاب الرأي من أهل الكوفة يقولون بظاهر هذا الخبر قال الشافعي : كل من ادعى على امرئ شيئا ما كان من مال ، أو قصاص ، وطلاق ، وعتق ، وغيره ، أحلف المدعى عليه فإن حلف برئ ، وإن نكل ردت اليمين على المدعي فإن حلف استحق ، وإن لم يحلف لم يستحق ما ادعى ولا يقوم النكول مقام الإقرار ، وقال أحمد : وذكر له قول أهل المدينة لا يستحلف الرجل بخصمه حتى يعلم بينهما معاملة قال : لا يعجبني .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : و[قد ] قال من خالفنا ما قلناه أن البينة تقبل بغير سبب يعلم تقدم من معاملة بين المدعي وبين صاحبه وجب كذلك أن يستحلف المدعى عليه - وإن لم يعلم معاملة تقدمت بينهما - لأن مخرج الكلامين من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد ، وما أحد من المعاملين في أول ما يعامل صاحبه إلا ولا معاملة كانت بينهما قبلها ، وفيه قول ثان . روينا عن القاسم بن محمد أنه قال : فإذا ادعى الرجل الفاجر على الرجل الصالح الشيء يرى الناس أنه باطل ولم يكن بينهما معاملة . أنه [ ص: 26 ] لا يستحلف له . وذكر مالك عن [جميل ] بن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز إذ هو عامل على المدينة وهو يقضي بين الناس ، فإذا جاء الرجل يدعي على الرجل حقا نظر فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف الذي ادعى قبله وإن لم يكن بينهما من ذلك شيء لم يحلفه . قال مالك بعد ذكره حديث جميل : وذلك الأمر عندنا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية