الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر شهادة الخائن والخائنة

                                                                                                                                                                              6711 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا زهير ، قال : حدثنا هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن راشد الخزاعي ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة ، وذي الغمر على أخيه ، ورد شهادة القانع لأهل البيت - يعني التابع - وأجازها على غيرهم .

                                                                                                                                                                              قال أبو عبيد : فقوله الخائن والخائنة لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما افترض الله على عباده وائتمنهم عليه ، فإنه قد سمى ذلك كله في كتابه أمانة قال الله - جل ذكره - : ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) ، وقال : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ) الآية . قال سعيد بن [ ص: 284 ] جبير في هذه الآية : هي الفرائض .

                                                                                                                                                                              قال أبو عبيد : فالأمانة على هذا التأويل ينبغي أن تكون جميع ما افترض الله على العباد القيام به ، وجميع ما افترض [عليهم ] اجتنابه من صغير ذلك وكبيره فمن ضيع شيئا مما أمر الله به ، أو ركب شيئا مما نهاه الله عنه ، فليس ينبغي أن يكون عدلا على تأويل الخائن والخائنة ، لأنه قد لزمه اسم الخيانة .

                                                                                                                                                                              قال أبو عبيد : وقوله القانع عندنا السائل ، والمستطعم كذلك يروى في تفسيره في قوله : ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) فيرون أن القانع : السائل ، والمعتر : الذي يتعرض ولا يسأل ، وقد حكي حديث فيه تصديق هذا .

                                                                                                                                                                              6712 - حدثنا علي ، عن أبي عبيد ، قال : حدثني نعيم ، عن بقية ، عن محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده رفعه قال : "لا شهادة للمسكين السائل " .

                                                                                                                                                                              قال أبو عبيد : وقد يقال في القانع : أنه المنقطع إلى القوم يخدمهم ، [ ص: 285 ] ويكون [في ] حوائجهم ، فذلك مثل الأجير ، والدخيل ، والوكيل ، ونحوه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فأما ما في تفسير قوله : ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) فإن ابن عباس كان يقول : القانع : القانع بما أرسلته إليه في بيته . وروينا عن ابن عمر أنه قال : القانع : الذي يقنع بما آتيته .

                                                                                                                                                                              وقال مجاهد : القانع : الطامع بما قبلك ولا يسألك . وقد روينا عن ابن عباس رواية ثانية أنه قال : القانع : الذي يسأل . والمعتر : الذي يتعرض ولا يسأل . وكذلك قال الحسن البصري . وقال سعيد بن جبير : القانع : السائل . وأسانيد هذه الأخبار مذكورة في كتاب التفسير .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية