الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسألة

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : وإذا شهد الرجل من أهل الكوفة في مصر غير مصره بالشهادة وزكي هناك ، وكتب بذلك قاضي الكوفة فشهد قوم من أهل الكوفة أن ذلك الشاهد فاسق ، فإن أبا حنيفة كان يقول : شهادتهم عليه لا تقبل أنه فاسق وبه يأخذ ، وكان ابن أبي ليلى يرد شهادتهم ويقبل قولهم ، واعتل النعمان بأنه قد غاب عن الكوفة سنين فلا ندري ما أحدث ، ولعله قد تاب .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : وإذا شهد الرجلان من أهل مصر بشهادة فعدلا [بمكة] وكتب بها قاضي مكة إلى قاضي مصر ، فسأل المشهود عليه قاضي مصر أن يأتيه بشهود على جرحهما ، فإن كان يجرحهما بعداوة ، أو ظنة ، أو ما ترد به شهادة العدل قبل ذلك منه ، وردهما عنه . [ ص: 347 ]

                                                                                                                                                                              وإن جرحهما بسوء حال في أنفسهما ، نظر إلى المدة التي زايلا فيها مصر ، وصارا إلى مكة فإن كانت مدة يتغير الحال في مثلها التغير الذي كانا بمصرهما مجروحين فتغيرا إليها ، قبلت شهادتهما ، قبل القاضي شهادتهما ، ولم يلتفت إلى الجرح; لأن الجرح متقدم ، وقد حدث لهما حال بعد الجرح صارا بها غير مجروحين ، وإن لم تكن أتت عليهما مدة تقبل فيها شهادتهما إذا تغيرا قبل عليهما الجرح; لأن الجرح أولى من التعديل .

                                                                                                                                                                              وقال جرير عن مغيرة : أول من سأل عن الشهود في السر ابن شبرمة ، وقال الجوهري : كان ابن شبرمة يسمي الذين يسألون عن الشهود الهداهد فأتاه رجل فسأل عنه فأسقط ، فكلمه في ذلك ، فأنشأ عبد الله بن شبرمة يقول :

                                                                                                                                                                              سألنا فلم يألوا وعم سؤالنا فكم من كريم طحطحته الهداهد

                                                                                                                                                                              وكان مالك يرى إذا كثرت شهادات رجل ، وإن كان عدلا أن يحدث القاضي المسألة عنه سرا وجهرا; لأن الحالات تحدث .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد قال هذا غير مالك [ . . . ] . [ ص: 348 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية