الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في الرجل ينتفي من ولد سريته التي يطؤها

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يقر بوطء أمته ، فتأتي بولد لوقت يمكن أن يكون الحمل منه ، فألزمته طائفة الولد .

                                                                                                                                                                              6665 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر وابن جريج ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عمر قال : بلغني أن رجالا منكم يعزلون ، فإذا حملت الجارية قال : ليس مني ، والله لا أوتى برجل فعل ذلك منكم إلا ألحقت به الولد ، فمن شاء فليعزل ، ومن شاء فلا يعزل .

                                                                                                                                                                              6666 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد ، أن عمر بن الخطاب قال : ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعونهم يخرجن ، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه كان ألم بها إلا ألحقت به ولدها ، فأرسلوهن من بعد أو أمسكوهن . [ ص: 178 ]

                                                                                                                                                                              6667 - وحدثنا محمد بن نصر ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن صفية قالت : سمعت عمر يقول على المنبر : ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يرسلونهن ، فإذا ولدت إحداهن قال : ليس مني ، لا أوتى برجل فعل ذلك فحبلت جاريته إلا ألحقته به ، فأرسلوا جواريكم أو أمسكوا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكان أبو ثور يقول : إذا وطئ الرجل جارية له ، فجاءت بولد فهو ولده ، وليس له أن ينفيه . وحكى هذا القول عن الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عطاء معنى هذا القول ، واحتج أبو ثور بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في ابن وليدة زمعة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفيه قول ثان .

                                                                                                                                                                              6668 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن ابن ذكوان ، عن خارجة بن زيد قال : كان زيد بن ثابت يقع على جارية له بطيب نفسها ، لأنها كانت جارية له ، فلما ولدت انتفى من ولدها وضربها مائة ثم أعتق الغلام .

                                                                                                                                                                              6669 - وحدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن محمد بن عمرو ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، أن ابن عباس وقع على جارية له وقد كان يعزلها ، فولدت فانتفى من ولدها . [ ص: 179 ]

                                                                                                                                                                              6670 - وحدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري عن عبد الكريم عن زياد قال : كنت عند ابن عباس فجاءه رجل - أظنه من بني كرز - فرأى ابن عباس يسب الغلام أو أمه ، فتناوله - أي بلسانه - فقال : إنه لابنك ، فدعاه وحمل أمه على راحلة . قال : وكان ابن عباس انتفى منه .

                                                                                                                                                                              وكان سفيان الثوري يقول : ليس للرجل أن ينكر ولد الأمة إذا اعترف به ، وإذا انتفى منه قبل أن يلحق به ، لم يلحق به .

                                                                                                                                                                              وقال النعمان : إذا أقر الرجل بولده من سريته أو زوجته لم يكن له أن ينفيه أبدا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إذا أقر الرجل بوطء أمته ، فجاءت بولد لستة أشهر من يوم أقر بوطئها ، فهو لازم له لا ينفى عنه أبدا استدلالا بخبر الزهري عن عروة عن عائشة في قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في ابن جارية زمعة ، وقد ذكرنا الخبر فيما مضى ، وللأخبار التي جاءت عن عمر بن الخطاب ، وإن كانت السنة يستغنى بها عما سواها ، ففي إعلام عمر ذلك بين المهاجرين والأنصار على المنبر مع ترك الجميع إنكار ما ذكره عليه أبين البيان على أن الذي قاله النعمان خطأ بين إذ هو خلاف السنة ، وخلاف قول عمر بين المهاجرين والأنصار على المنبر ، فإن النعمان يقول : إذا وطئ الرجل أمته فولدت لم يلزمه ولدها ، وإن حصنها وبوأها بيتا لم يلزمه الولد إلا أن يقر به ، وقال : إذا حصنها فأحب إلي في دينه أن يقر به ، وإن لم يحصنها فهو في سعة من إنكاره . [ ص: 180 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية