الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ما اختلف فيه أهل العلم من فرائض الولد وولد الولد

                                                                                                                                                                              اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنتين ، وبني ابن ، وبنات ابن ، فروي عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت ، وعائشة أنهم جعلوا ما فضل من الثلثين بين بني الابن ، وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                                                                              6758 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق قال : حدثنا الثوري ، عن معبد بن خالد ، عن مسروق في بنتين ، وبني ابن ذكورا وإناثا قال مسروق : كانت عائشة تشرك بينهم ، وكان ابن مسعود يقول : للذكران دون الإناث . [ ص: 386 ]

                                                                                                                                                                              6759 - وحدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : قدم مسروق من المدينة ، فقال له علقمة : هل كان [أحد] من أصحابك أثبت عندك من عبد الله في هذا ، وكان عبد الله لا يشرك بينهم؟ قال : لا ، ولكني لقيت زيد بن ثابت ، وأهل المدينة وهم يشركون بينهم .

                                                                                                                                                                              وهذا قول مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وكان عبد الله بن مسعود يقول : الفاضل عن حق البنتين للذكران من ولد الابن دون البنات . وبه قال أبو ثور .

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من يقول بقول علي ، وزيد ، وعائشة بقول الله - تبارك وتعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، فأجمعوا أن الابنتين لو لم تكونا كان المال كله بين بني الابن وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، فلما أخذت الابنتان فرضهما قاموا فيما بقي من المال [ ص: 387 ] مقامهم في جميع المال ، وكان أخذ الابنتين الثلثين كأخذ الزوج الربع لو كان بدلهما ، فقد أجمعوا على أن الفاضل عن الزوج يكون بين بني الابن ، وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، فكذلك حكم الفاضل عن البنات كحكم الفاضل عن الزوج .

                                                                                                                                                                              واحتج أبو ثور بأنهم لا يختلفون في ابنتين وبنت ابن وابن عم : أن للابنتين الثلثين ولابن العم ما بقي ، وليس لابنة الابن شيء ، فإذا كانوا يجعلون ما بقي له ، لأنه عصبة لا يعطون ابنة الابن شيئا ، إذا استكمل البنات الثلثين ، وإنما يعطون ما فضل العصبة ، فابن الابن من العصبة ، وابنة الابن ليست من العصبة إنما لها شيء مسمى ، وإنما تشارك الأخ إذا انفردت فكان لها سهم ، فإن كان معها أخ قاسمته .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في ابنة وبني ابن ، وبنات ابن ، ففي قول زيد بن ثابت : للابنة النصف ، وما بقي فبين بني الابن وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهذا قول مالك بن أنس ، وأهل المدينة ، وسفيان الثوري ، وأهل الكوفة ، وعامة أهل العلم . وفي قول عبد الله بن مسعود للابنة النصف ، وينظر فيما بقي ، فإن كان الذي يصير لبنات الابن إذا قاسم بهن الذكور أقل من السدس قاسم بهن الذكور فجعل ما يبقى بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن كان الذي يصير إليهن في المقاسمة السدس فأكثر ، أعطاهن السدس ولم يقاسم بهن ولم يردهن على ذلك; لأن البنات عنده لا يزدن على الثلثين . [ ص: 388 ]

                                                                                                                                                                              وأجمع أهل العلم في رجل توفي وترك ابنتين ، وابنة ابن أو بنات ابن ، وابن ابن ابن ، أو بني ابن ابن ، [أن] للابنتين الثلثين لا اختلاف فيه . واختلفوا فيما يفضل من المال عن الابنتين ، فروي عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت أنهما قالا : ما فضل عن الثلثين للذكور الذين هم أسفل من بنات الابن يردون على من فوقهم ، ومن معهم ، ومن بحذائهم من بنات الابن ، إن كان بحذائهم ، أو معهم منهن أحد ، فيقاسمونهن للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                                                                              6760 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه زيد بن ثابت ، أن معاني هذه الفرائض وأصولها كلها عن زيد بن ثابت ، وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت قال : . . . . وإن لم يكن الولد إلا ابنة واحدة ، فترك ابنة ابن فأكثر من ذلك من بنات الابن ، بمنزلة واحدة ، فلهن السدس تتمة الثلثين ، فإن كان مع بنات الابن ذكر هو بمنزلتهن ، فلا سدس لهم ولا فريضة ، ولكن إن فضل فضل بعد فريضة أهل الفرائض كان ذلك الفضل لذلك الذكر ولمن بمنزلته من الإناث للذكر مثل حظ الأنثيين ، وليس [لمن] هو أطرف منهن شيء ، وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهن . [ ص: 389 ]

                                                                                                                                                                              وهذا قول مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وعامة أهل العلم ، وبه قال أصحاب الرأي ، وكان أبو ثور يقول بقول عبد الله بن مسعود ، وهو أن ما فضل لبني الابن دون بنات الابن .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية