الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العدد من الإخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في العدد من الإخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث : فقال عامة أهل العلم : إذا كان للميت اثنان من الإخوة فصاعدا ذكورا أو إناثا ، من أب وأم ، أو من أب ، أو من أم ، حجبا الأم عن الثلث ، وصار لها السدس ، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، [ ص: 392 ] وعبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وبه قال مالك بن أنس ، ومن تبعه من أهل المدينة ، وسفيان الثوري ، وسائر أهل العراق ، والشافعي وأصحابه ، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم غير ابن عباس ، فإنه قال : لا يحجب الأم عن الثلث إلا ثلاثة إخوة فصاعدا ، وروي أن ابن عباس دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا [يردان] الأم إلى السدس ، إنما قال الله : ( فإن كان له إخوة ) فالأخوان في لسان قومك ليسوا بإخوة فقال عثمان رضي الله عنه : لا أستطيع أنقض أمرا كان قبلي ، وتوارثه الناس ، ومضى في الأمصار .

                                                                                                                                                                              6762 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا ابن أبي فديك قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم إلى السدس ، إنما قال الله - جل ذكره - : ( فإن كان له إخوة ) (فالأخوين) في لسان قومك (ليسوا) بإخوة . فقال عثمان رضي الله عنه : لا أستطيع أنقض أمرا قد كان قبلي ، وتوارثه الناس ، ومضى في الأمصار . [ ص: 393 ]

                                                                                                                                                                              6763 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه ، أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت ، وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد ، قال : وميراث الأم من ولدها إذا توفي ابنها وابنتها ، فترك ولدا أو ولد ابن ذكر وأنثى ، أو ترك اثنين من الإخوة فصاعدا ذكورا وإناثا من أب وأم ، أو من أب أو أم ، السدس .

                                                                                                                                                                              6764 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد بن عمرو قال : أخبرنا جرير ، عن المغيرة في فرائضه ، عن الشعبي وإبراهيم ، وعن غيرهما ، وعن فضيل ، وعن غيره ، عن إبراهيم في قول علي وعبد الله وزيد : إذا كان أخوان وأختان لأب ، أو لأم ، أو لأب وأم ، أو مختلفان ، حجبا الأم عن الثلث وصار لها السدس .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد احتج بعض من يقول بقول عثمان وزيد بأن العرب قد تسمي الاثنين باسم الجماعة ، واحتج بقول الله : ( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ) قال : وإنما كانا ملكين دخلا على داود ، فدل على أن الاثنين قد يسميان باسم الجماعة ، وقال : ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) ولم يقل قلباكما ، وفي قصة داود وسليمان : [ ص: 394 ] ( وكنا لحكمهم شاهدين ) ولم يقل : لحكمهما .

                                                                                                                                                                              وقد أجمع أهل العلم أن رجلا لو ترك أخاه وأخته ، أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وحجتهم فيه قول الله - جل ذكره - : ( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ) ، وإنما قال الله : ( وإن كانوا إخوة ) وقال : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) فهما في ذكر الكتاب .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية