الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر شهادة المختفي

                                                                                                                                                                              أجمع أهل العلم على أن رجلا لو قال لشاهدين : أشهد أن لفلان ابن فلان علي مائة دينار مثاقيل أن عليهما أن يشهدا بها إذا دعاهما الطالب إلى إقامة الشهادة واختلفوا في الرجل يجلس [الرجلين] يخفيهما ويحضر خصما له ليستمعا منه ما يقر به ثم يسألهما الشهادة .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يشهدان سمعا ويجب أن يقضي القاضي بشهادتهما .

                                                                                                                                                                              6738 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا شجاع قال : حدثنا هشيم ، عن الشيباني ، عن محمد بن [عبيد الله] الثقفي ، عن عمرو بن حريث أنه أجاز شهادة المختبئ وقال : (ذلك) فليفعل بالخائن والفاجر . [ ص: 312 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد وإسحاق : تجوز شهادتهما إذا كانا عدلين . وقال سفيان الثوري : إذا دعا الرجلان الرجل وقالا : ما نسمع ما يقول ولا نشهد عليه . قال : فإن جحد أحدهما صاحبه فينبغي له كذلك الذي دعي أن يشهد عليهما ، وهذا مذهب أصحاب الرأي . وقال الشافعي : إذا سمع [الرجل] الرجل يقر لرجل بمال وصف ذلك من غصب أو بيع أو لم يصف فلازم له أن يؤديه ، وعلى القاضي أن يقبله . وقد روينا عن الشعبي ، والنخعي أنهما قالا : [السمع] شهادة . وقال ابن سيرين : إذا قالوا : لا تشهد علينا فاشهد بما سمعت . وكان ابن أبي ليلى يقول : السمع سمعان إذا قال : سمعته أقر على نفسه أجيزه ، وإذا قال : سمعت فلانا يقول : سمعته لم يجز . وقال الشافعي : لا يسع شاهدا أن يشهد إلا بما علم ، والعلم من ثلاثة وجوه : منها ما عاينه الشاهد فيشهد بالمعاينة ، ومنها ما سمع فيشهد بما أثبت سمعا من المشهود عليه ، ومنها ما تظاهرت به الأخبار بما لا يمكن في أكثره العيان ، وتثبت معرفته في القلوب فيشهد عليه بهذا الوجه . [ ص: 313 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن لا تجوز شهادة المختبئين ، وقال : إنهما ليسا بعدلين حين اختبئا لرجل يغررانه ، روي عن الشعبي ، والنخعي أنهما قالا : لا تجوز شهادة مختبئ .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكأن النخعي والشعبي قالا : السمع شهادة (المختبئ) .

                                                                                                                                                                              وقال مالك قولا ثالثا ، قال في رجل أدخل رجلين بيتا وأمرهما أن يحفظا ما سمعا ، وبعد برجلين من وراء البيت حتى أقر له به عليه ، فشهدوا عليه بذلك فقال : أما الرجل الذي شهد عليه الضعيف أو المخدوع أو الخائف الذي يخاف أن يكون استجهل وضعف وخدع فلا أرى ذلك يثبت عليه ، وليحلف ما أقر بذلك إلا ما يذكر لا أدري ما يقول ، وأما الرجل الذي ليس على ما وصفت ولإقراره ذلك وجه من الأمر عسى أن يكون يقول في خلوته تلك : أنا أقر لك خاليا ولا أقر عند البينة بأمر يعرف به وجه إقراره وصاحبه ما طلب منه ، فإنه عسى أن يثبت ذلك عليه . [ ص: 314 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية