الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أبواب التعديل في الشهادات

                                                                                                                                                                              ذكر المعنى الذي يوجب أن يقال للرجل هو عدل

                                                                                                                                                                              6749 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال : أخبرنا هشيم وخالد ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي فراس قال : خطبنا عمر بن الخطاب فقال : أيها الناس ، إنا كنا نعرفكم إذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا والوحي ينزل ، وإذ نبأنا الله من أخباركم ، فقد انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي ، وأنا أعرفكم ما أقول لكم : من أظهر لنا منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه ، ومن أظهر لنا منكم شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه ، سرائركم بينكم وبين ربكم ، ألا وإنه أتى علينا زمان وأنا أرى أن من قرأ القرآن إنما يريد به وجه الله وما عنده ، وقد خيل إلي بآخرة أن رجالا يقرؤونه يريدون به ما عند الناس ، ألا فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم ، ألا وإني لا أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم ، ولكن إنما بعثتهم ليعلمونكم دينكم وسنتكم ، فمن فعل به غير ذلك فليرفعه إلي ، فوالذي نفس عمر بيده لأقصنه منه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ، ولا تجمروهم [ ص: 339 ] فتفتنوهم ، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم .

                                                                                                                                                                              وقال إبراهيم النخعي : العدل في المسلمين الذي لم يظهر له ريبة ، وقال في قوله : ( ممن ترضون من الشهداء ) ممن لا يعلم له جرية .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد : العدل في المسلمين من لم يظهر منه ريبة رجل مستور .

                                                                                                                                                                              وكذلك قال إسحاق : بعد أن يعرفه جيرانه أو خلطاؤه في السفر بنفي الريبة عنه . وكان الشافعي يقول : إذا كان الأغلب على الرجل والأظهر من أمره الطاعة والمروءة قبلت شهادته ، ومن كان مقيما على معصية فيها حد وأخذ ، فلا تجوز شهادته ، وكل من كان منكشف الكذب مظهره غير مستتر به ، لم تجز شهادته . وقال أبو عبيد : قوله : ( لا تخونوا الله والرسول ) الآية ، وقوله : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ) وروي عن سعيد بن جبير أنه قال : هي الفرائض . قال : فالأمانة على هذا التأويل جميع ما افترض الله على العباد القيام [ ص: 340 ] به ، وجميع ما افترض عليهم اجتنابه من صغير ذلك ، وكبيره ، فمن ضيع شيئا مما أمره الله به أو ركب شيئا مما نهاه الله عنه فليس ينبغي أن يكون عدلا على هذا التأويل ، لأنه قد لزمه اسم الخيانة .

                                                                                                                                                                              وقال يعقوب : إذا كانت طاعة الرجل أكثر من معاصيه ، وكان الأكثر الخير قبلت شهادته ، إذا لم يأت شيئا يجب عليه فيه الحد ، وما أشبه ما يجب فيه الحد .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : من كان أكثر أمره الخير ليس بصاحب جرية في دين ، ولا مصر على ذنب وإن صغر ، وكان مستورا ، قبلت شهادته ، وكل من كان مقيما على ذنب وإن صغر ، لم تقبل له شهادة .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية