الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اليمين بمكة بين البيت والمقام

                                                                                                                                                                              واختلفوا في وجوب اليمين بمكة بين البيت والمقام ، فقالت طائفة : يستحلف بين البيت والمقام إذا كان ما يدعيه المرء عشرين دينارا ويحلف على الطلاق والحدود كلها والجراح العمد صغرت أو كبرت ، وعلى جراح الخطأ إن بلغ أرشها عشرين دينارا . وكذلك العبد يدعي العتق إن بلغت قيمته عشرين دينارا أحلف سيده هذا قول الشافعي قال : وهو قول حكام المكيين ومفتيهم . قال : ومن حجتهم فيه مع إجماعهم :

                                                                                                                                                                              6565 - أن مسلم بن خالد والقداح أخبراني ، عن ابن جريج ، عن عكرمة بن خالد ، أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين البيت والمقام فقال : أعلى دم ؟ قالوا : لا . [قال ] : فعلى عظيم من الأمر ؟ فقالوا : لا . قال : لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام . [ ص: 19 ]

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال عشرون دينارا فصاعدا [قال ] : ولو أخطأ الحاكم في رجل عليه اليمين بين البيت والمقام فأحلفه ، ولم يحلفه بين البيت والمقام ، فالقول فيه واحد من قولين . أحدهما : أن لا [تعاد ] عليه ، والآخر : أن [تعاد ] اليمين التي يؤخذ منه ما عليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وأصح مذهبيه أن لا يعاد اليمين ، لأنه قال في كتاب اللعان : وإن أخطأ الإمام بمكة أو بالمدينة فلاعن بين الزوجين في غير المسجد لم يعد اللعان عليهما ، لأنه قد مضى اللعان عليهما ولأنه حكم قد مضى .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فكذلك إذا أحلفه الحاكم في غير المسجد أو في المسجد ولم يستحلفه بين البيت والمقام لم يعد ، لأنه حكم قد مضى . وفيه قول ثان وهو : ألا يجب الاستحلاف بين البيت والمقام ولا عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الحاكم يستحلفه في مجلسه . هذا قول النعمان ويعقوب . [ ص: 20 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية