الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم فيما يستحلف المدعى عليه على العلم أم على البت

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في استحلاف المدعى عليه على البت فقالت طائفة : يستحلف فيما وليه الإنسان بنفسه على البت ، وما وليه غيره استحلف على العلم ، هذا قول النخعي وبه قال الشافعي، وأحمد ، وهو قول النعمان ، وقد روينا عن عثمان بن عفان أنه عرض اليمين على ابن عمر في العبد الذي ادعى عليه فيه العيب : احلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه ، وقد ذكرنا إسناده فيما مضى ، وقال مروان بن الحكم لرجل يحلف لك البائع بالله ما علمت به داء ، وكان شريح يستحلف البائع في الداء الباطن على العلم ، وفي الظاهر على البت ، [ ص: 42 ] وقال بقول شريح : ابن شبرمة وابن أبي ليلى، وقال مالك بن أنس : يحلف الورثة بالله ما علمناه اقتضى شيئا ويأخذ الذي عليه ، وإن كان فيهم صغير أخذ حقه ولم يحلف إذا كبر ، ومذهب الشافعي في الكبير كما قال مالك ويستحلف هو على البتات أنه ما باع ولا وهب ثم يقضي له .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وذاك إذا أقام البينة على دابة اعترفها ، وقالت طائفة : يستحلف الوارث وغيره على البت ، هذا قول شريح والشعبي قالا : يستحلف الوارث البتة ، وفيه قول ثالث وهو أن يستحلف الناس في الأشياء على العلم في المواريث أو الدعوى يدعيها الرجل في البيوع ، وغير ذلك ، هذا قول ابن أبي ليلى .

                                                                                                                                                                              6581 - وروينا عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تحملوا الناس من أيمانهم على ما يعلمون " وبه قال أبو عبيد، وقال : إن كان غير مسند .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إن استحلف الحاكم المدعى عليه على البت فلا شيء على الحالف إذا كان صادقا عند نفسه ، ويرجع ذلك إلى العلم ، وإن استحلفه على علمه فغير جائز إعادة اليمين عليه ؛ لأن معناهما واحد ، فأما الورثة فإنما يستحلفون فيما وليه غيرهم على علمهم استدلالا بخبر الأشعث بن قيس . [ ص: 43 ]

                                                                                                                                                                              6582 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا الحارث بن سليمان العمري ، قال : حدثني كردوس الثعلبي ، عن الأشعث بن قيس الكندي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن رجلا من حضرموت ورجلا من كندة اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض اليمن فقال الحضرمي : يا رسول الله ، أرضي اغتصبنيها أبو هذا . فقال للكندي : "ما تقول ؟ " قال : أقول إنها أرضي في يدي ورثتها عن أبي . فقال للحضرمي : "هل لك من بينة ؟ " قال : لا ، ولكن يحلف يا رسول الله بالله الذي لا إله إلا هو ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه ، فتهيأ الكندي لليمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه لا يقتطع رجل مالا بيمين إلا لقي الله يوم القيامة وهو أجذم ، فردها الكندي " .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية