الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في وجوب الأيمان على الأمناء . فقالت طائفة : يستحلفون فيما يذكرون من تلف أو غيره مما يمكن أن يكونوا فيه صادقين ، روينا عن شريح أنه استحلف أمينا ، وهذا على مذهب الشافعي، وأبي ثور ، والكوفي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : روينا عن الحارث العكلي أنه قال : ليس على مؤتمن يمين قال هشيم - الراوي لهذا الحديث - ليس يعجبنا ذا .

                                                                                                                                                                              6587 - حدثنا يحيى بن محمد قال : حدثنا مسدد، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يمينك على ما يصدقك صاحبك " .

                                                                                                                                                                              6588 - وقد روينا عن النخعي أنه قال : إذا كان المستحلف ظالما فنية الحالف ، وإذا كان مظلوما فنية المستحلف ، وكان أبو ثور ، وآخر من أصحاب الشافعي يقولان في الرجل عليه دين يخاف حبس الحاكم وهو معسر : أن له أن يحلف ما عليه حق ، واحتجا في ذلك بقوله جل وعز : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) أي : فإذا كان الله قد أنظره [ ص: 52 ] في حال ما هو معسر فلا شيء عليه حتى يوسر ، وخالفهما جماعة من أهل العلم وممن خالفهما المزني قال : لو لم يكن عليه حق لاستحال أن ينظر بحق ليس عليه ، أتراه إذا أيسر حدث عليه حق ليس عليه ، أرأيت لو قال له : قد أبرأتك من كل حق عليك أيبرئه ذلك أم لا ؟ فإن قال : يبرئه فقد تبين أنه أبرأه من حق عليه ، فكيف يبرئه من حق ليس عليه ، ويلزم من قال ما قالا أن يقول : أبرئه من حق ليس عليه ، ولا يمكن في قولهما أن يوضع عن معسر حقا أبدا ، وإنما معنى قوله : ( فنظرة إلى ميسرة ) أي : لا يتعرض له حتى يوسر .

                                                                                                                                                                              قال أصحاب الرأي : وإذا ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال وجحد الآخر ذلك فعلى المدعي الكفالة البينة ، وإن لم يكن له بينة فعلى المنكر اليمين ، فإن حلف برئ ، وإن نكل عن اليمين لزمته الكفالة ، وإذا أقر الكفيل بالكفالة وادعى أنه دفعه وبرئ منه ، كان الكفيل في هذا الموضع هو المدعي والمكفول له هو المدعى عليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد اختلف في الكفالة بالنفس ، فمن رآها لازمة [ ص: 53 ] أوجب على المدعى عليه اليمين ، وكان شريح يراها جائزة ، حبس [ابنه ] عبد الله في كفالة لرجل كفل له بنفسه ، وقالت طائفة : الكفالة بالنفس غير واجبة ففي هذا القول لا يجب استحلاف المدعى عليه الكفالة إذا جحد ذلك . وقد كان الشافعي يقول : هي ضعيفة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ولا أعلم في الكفالة بالنفس خبرا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يعتمد عليه .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : وإذا وجبت اليمين على رجل فحلف المدعى عليه لم يكن للحاكم أن يقبل يمينه حتى يخرج له الحكم ، فإذا خرج له الحكم باليمين استحلف . . . . واحتج بخبر ركانة أنه حلف فأعاد [ ص: 54 ] عليه وأحلفه بمثل ما حلف عليه قال : وكانت في ذلك دلالة على أن اليمين إنما يكون بعد خروج الحكم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية