الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر العدد الجائز شهادتهم على شهادة غيرهم

                                                                                                                                                                              واختلفوا في العدد الجائز شهادتهم على شهادة غيرهم : فقالت طائفة : تجوز شهادة الرجل على شهادة الرجل ، كان شريح إذا أتاه الرجل يشهد على شهادة الرجل يقول له : قل : أشهد أن ذا عدل أشهدني على كذا وكذا ، وروينا عنه أنه كان يكره شهادة الرجل على شهادة الرجل ، وكان على ذلك يجيزها ويسميهم المناديل ، وممن كان يجيز شهادة الرجل على شهادة الرجل : الحسن البصري ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وسفيان الثوري ، وأحمد وإسحاق . [ ص: 350 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن تجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين إذا شهدا على شهادة كل واحد منهما أنهما أشهداهما .

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك وعبد الملك صاحبه ، وقال أصحاب الرأي : لا تجوز على شهادة رجل أقل من شهادة [رجلين] أو رجل وامرأتين ، وإن شهد رجلان على شهادة رجلين فهو جائز ، لأنهما يشهدان جميعا على شهادة كل واحد منهما .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن لا يقبل على كل شاهد إلا شهادة شاهدين .

                                                                                                                                                                              هذا قول الشافعي ، وفسر قوله الربيع قال : من قبل أن الشاهدين لو شهدا على شهادة شاهد لم يحكم بها الحاكم إلا بشاهد آخر فلما شهدا على شهادة الشاهد الآخر كانا إنما جرا إلى أنفسهما إجازة شهادتهما التي أبطلها الحاكم ، فلم تجز إلا بشهادة شاهدين على كل واحد .

                                                                                                                                                                              واختلف قول أبي ثور في الشهادة على الشهادة فقال في مكان : فيها قولان وقطع في كتاب الحدود بالقول الذي ذكرناه عن الشافعي ، وهو أن لا تجوز على شهادة رجل إلا رجلان ، قال : فلو كانوا ثمانية فشهد كل اثنين منهم على شهادة رجل ، وكانوا عدولا المشهود على شهادتهم حددناه . وقال أبو عبيد : فالأمر عندنا أنه لا يجوز على شهادة كل واحد منهما أقل من شاهدين . [ ص: 351 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية