الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرجل يسلم على ميراث قبل أن يقسم أو العبد كذلك يعتق قبل قسم الميراث

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يسلم على ميراث قبل أن يقسم .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : وجب الميراث لأهله ، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وسعيد بن المسيب ، والنخعي .

                                                                                                                                                                              6875 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا هشيم ، عن أدهم السدوسي ، أن امرأة ماتت وهي مسلمة ، وتركت أما لها نصرانية ، فأسلمت قبل أن يقسم ميراث ابنتها ، فأتوا عليا فذكروا ذلك له فقال : لا ميراث لها ، ثم قال : كم تركت؟ فأخبروه . فقال : أنيلوها منه شيئا .

                                                                                                                                                                              وبه قال الحكم ، وحماد ، وأهل المدينة ، والشافعي ، وأبو ثور ، وقال الزهري في العبد يعتق على الميراث : ليس له شيء .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه ، يروى هذا القول عن عمر ، وعثمان ، والحسن ، وعكرمة . [ ص: 473 ]

                                                                                                                                                                              6876 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال : حدثنا أبو الربيع قال : حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن حسان بن بلال المزني ، أن زيد بن قتادة حدث أن رجلا من أهله مات وهو على غير دين الإسلام فورثته أختي دوني وكانت على دينه ، ثم إن أبي أسلم فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فمات ، فأحرزت ميراثه سنة ، وكان ترك نخلا ، ثم إن أختي أسلمت ، فخاصمتني في الميراث إلى عثمان بن عفان ، فحدث عبد الله بن الأرقم أن عمر قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه ، فقضى به عثمان بن عفان ، فذهبت بذلك الأول ، وشاركتني في هذا .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري ، وجابر بن زيد في العبد يعتق قبل أن يقسم الميراث كذلك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : بالقول الأول أقول ، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يرث الكافر المسلم " فإذا انتقل ملك الميت المسلم عن ماله إلى من هو على دينه من المسلمين ، وبطل أن يرثه من ليس على دينه من النصراني ، ثبت ملك من ورثه من المسلمين على ما خلف ، ولم يجز أن ينقل (ملك) مالك ملكه الله مالا إلى آخر بإسلامه بعد أن يرد [ ص: 474 ] الميراث لأهله ، وذلك أن الله حرم الأموال في كتابه ، وعلى لسان نبيه فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) الآية ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه " ، فلا يجوز إزالة ملك من ورث مال المسلم بإسلام غيره ، وإخراجه من ملكه بغير طيب نفس ، ولا يثبت عن عمر وعثمان خلاف هذا القول ، ولو ثبت كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية