الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر ميراث الخنثى

                                                                                                                                                                              أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الخنثى يورث من حيث يبول ، إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث رجل ، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث امرأة .

                                                                                                                                                                              وممن روي عنه أنه قال : الخنثى يورث من حيث يبول : علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وجابر بن زيد ، وسعيد بن المسيب ، وبه قال أهل الكوفة ، وسائر أهل العلم ، ولا أحفظ عن مالك في أمر الخنثى شيئا ، بل زعم ابن القاسم أنه هاب أن يسأل مالكا عنها .

                                                                                                                                                                              6893 - حدثنا علي بن الحسن قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، وحدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن علي ، أنه ورث خنثى من حيث يبول .

                                                                                                                                                                              6894 - وحدثنا محمد بن علي قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حجاج قال : وحدثني شيخ من بني فزارة قال : سمعت عليا يقول : الحمد لله الذي جعل عدونا يسألنا عما نزل به من أمر دينه ، إن معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى فكتبت إليه أن يورثه من قبل مباله . [ ص: 494 ]

                                                                                                                                                                              6895 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا ابن الأصبهاني قال : ثنا شريك ، عن الحسن بن كثير ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي أنه كان يورث الخنثى من مباله .

                                                                                                                                                                              6896 - حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مجالد ، عن الشعبي قال : أتي معاوية في الخنثى فسأل من قبله ، فأمر أن يورثه من قبل مباله .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الخنثى يبول من حيث يبول الرجل ، ومن حيث تبول المرأة .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يورث من حيث يسبق البول ، كذلك قال سعيد بن المسيب وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وحكي ذلك عن أصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : من أيهما خرج أكثر ورث به ، حكي هذا القول عن الأوزاعي ويعقوب وابن الحسن ، وقال النعمان : إذا خرج منهما معا فهو مشكل ، ولا أنظر إلى أيهما أكثر (وروي عنه أنه وقف فيه إذا كان هكذا وقال : لا علم لي به) ، وحكي عنه أنه قال : إذا كان يبول من حيث يبول الرجل ، ويحيض كما تحيض المرأة ، ورث من حيث يبول ، [ ص: 495 ] لأن في الأثر يورث من مباله ، قال يحيى بن آدم : وهو عندنا كما قال ، وفي قول الشافعي : إذا خرج منهما جميعا لم يسبق أحدهما الآخر يكون مشكلا ، ويعطى من الميراث ميراث أنثى ، ويوقف الباقي بينه وبين سائر الورثة حتى يتبين أمره أو يصطلحوا ، وبه قال أبو ثور ، وحكاه عن الشافعي .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد اختلف أهل العلم في حكمه إذا أشكل .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : يورث نصف ميراث الذكر ، ونصف ميراث الأنثى ، روي هذا القول عن الشعبي ، وبه قال الأوزاعي ، وحكي ذلك عن سفيان الثوري ، وحكى إسحاق ، عن يحيى بن آدم أنه قال : والذي كنا نقول على قياس قول الشعبي من اثني عشر سهما ، للذكر سبعة ، وللخنثى خمسة; لأن النصف للذكر لا شك فيه ، والثلث للخنثى لا شك فيه ، ويبقى السدس فهو في حال للذكر ، وفي حال للأنثى ، فلا يدرى لأيهما هو ، فهو بينهما نصفان ، وأحسب أن هذا قول أصحاب الرأي والله أعلم .

                                                                                                                                                                              وحكى أبو ثور عن الشافعي في هذه المسألة أنه قال : للذكر النصف ، وللخنثى الثلث ، ويوقف السدس عليهما حتى يتبين أو يموت ، وبه قال أبو ثور ، وكان الشافعي يقول : لا يجوز أن ينكح إلا من حيث يبول ، أو أن يكون مشكلا ، فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء ، فإذا نكح بواحد ، لم يكن له أن ينكح بالآخر ، ويرث ويورث من حيث يبول . [ ص: 496 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية