الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر دعوى الحميل

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا سبي صبيان فوقع كل واحد منهما في سهم رجل فأعتقه ، ثم ادعى كل واحد منهما أن الآخر أخوه لأبيه وأمه ، فإنه لا يصدق على هذا ، ولا يتوارثون إلا ببينة تثبت أنسابهم ، وكذلك لو كانت معهم امرأة فادعت أنها أمهم فصدقاها ، فإنها لا تصدق ولا يقبل قولهم إلا ببينة .

                                                                                                                                                                              والحميل : كل نسب في دار الحرب ، فالأخ وابن الأخ والعم وابن العم والخال وابن الخال ، والمرأة تدعي الصبي والجدة والخالة ، وكل نسب فهو في هذا الباب سواء ، وهذا قول أبي ثور وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              6672 - حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا سفيان عن ابن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كتب عمر بن الخطاب : ألا تورثوا حميلا إلا ببينة .

                                                                                                                                                                              6673 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا أبو الربيع ، قال : نا حماد ، قال : حدثنا عاصم ، عن الشعبي، أن عمر كتب إلى شريح : ألا تورثوا حميلا إلا ببينة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبهذا قال سفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله بن الحسن ، وكذلك قال عطاء بن أبي رباح ، وقال مالك : [ ص: 200 ] الأمر عندنا أنه لا يورث أحد من الأعاجم شيئا بولادة العجم . إلا أن تكون امرأة جاءت حاملا من أرض العجم فولدت في العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت ، وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله . وقال الشافعي : إذا ادعى الأعاجم بولادة الشرك إخوة بعضهم لبعض ، فإن كانوا جاؤونا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم بعتق قبلنا دعواهم [كما قبلنا دعوى غيرهم ] من أهل الجاهلية الذين أسلموا ، وإن كانوا مسبيين عليهم رق أو عتقوا فثبت عليهم ولاء لم تقبل دعواهم إلا ببينة تثبت على ولادة أو دعوى معروفة كانت قبل السباء ، وهكذا من قل منهم أو كثر أهل حصن كانوا أو غيرهم .

                                                                                                                                                                              وقد ذكرت اختلافهم في تفسير الحميل في كتاب المواريث . وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : لو أن رجلا أعتق صبيا وأعتق آخر رجلا ، ثم ادعى [الرجل ] أنه ابنه ، وأقر الصبي بذلك وقد احتلم ، ومثله يولد لمثله أنه ابنه وهذا جائز وكل واحد منهما مولى للذي أعتقه .

                                                                                                                                                                              وقالوا : لو أن رجلا من العرب أو الموالي معروفا ادعى أخا مجهولا وصدقه الآخر بذلك لم يصدق على النسب ، ولم يثبت النسب من الولد بقولهما ، ولكنه يرث معه على ما بينا ، وكذلك دعوة الرجل ابن أخيه أو ابن عمه أو ابن أخته أو خاله أو عمه أو ذا رحم محرم ، فإنه لا يصدق على ذلك ، ولا يثبت نسبه . [ ص: 201 ]

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : إذا ادعى رجل ابن رجل قد مات ، فقال : هذا ابن ابني ولم يكن الأب يقر بذلك لم تجز دعوته ، وكذلك لو كانت امرأة ، فادعت صبيا وأقر الصبي بذلك ثبت نسبه بقولها . وقال أصحاب الرأي كذلك غير أنهم قالوا : إن كان عبدا عتق بقوله ، فإن لم يكن لواحد منهما وارث معروف فالمال لصاحبه الذي أقر به إذا مات ، ولا يثبت نسب . وقال أبو ثور : إذا لم يكن له وارث يعرف فهو في بيت المال . وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : إذا أقر الرجل بابن من امرأة ، وصدقته فهو ثابت النسب منهما . وكذلك لو أقرت امرأة بولد من رجل فصدقها كان كذلك ، ولو أقر أن نكاحهما كان في الكفر أو في أهل الذمة أو دار الحرب ، أو أقر أن نكاحهما كان فاسدا ثبت النسب .

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : لا يجوز من الحميل دعوة أحد إلا أن المرأة تجوز دعوتها في الزوج والمولى والولد إذا صدقها زوجها ، والرجل تجوز دعوته في الولد والمرأة والمولى لمن أعتقه أو من أعتق تصدق دعوتهم إذا أقروا بذلك .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية