الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر من [يرث] ولاء من أعتقت المرأة بعد وفاتها

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المرأة تعتق عبدا ثم تموت المعتقة فتخلف ولدا ذكورا وإناثا وعصبة من قبل ابنها ، ثم يموت مولاها الذي أعتقته ولا وارث له غير هؤلاء : فقالت طائفة : ماله لعصبتها دون ولدها ، لأنهم الذين يعقلون عنها وعن مواليها فكما يعقلون عنها كذلك يرثون مواليها .

                                                                                                                                                                              واحتج بعضهم بما روي عن علي حين خاصم الزبير في موالي صفية فرأى أنه أحق بولائهم من الزبير ، لأنه عصبتها والزبير ابنها .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن ذكور ولد المرأة المعتقة أحق بولاء الموالي وميراثهم من عصبتها ، روي عن عمر بن الخطاب أنه قضى بالولاء للزبير وولده حتى يفنوا والعقل على علي .

                                                                                                                                                                              6956 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : ثنا حجاج قال : ثنا حماد ، عن حماد ، عن إبراهيم "أن صفية بنت عبد المطلب ماتت وتركت مولى لها ، فاختصم فيه علي بن أبي طالب والزبير بن العوام إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقضى عمر بالولاء للزبير وولده حتى يفنوا ، والعقل على علي " . [ ص: 542 ]

                                                                                                                                                                              وهذا قول الشعبي والزهري ، وقتادة .

                                                                                                                                                                              وبه قال مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .

                                                                                                                                                                              وفي قول الزهري وقتادة : يكون الولاء لولدها فإذا انقرضوا كان الولاء لعصبة أمهم . وكذلك قال سفيان الثوري ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أن ولاء مواليها يكون لولدها الذكور وبني بنيها ، فإذا انقرضوا لم يرجع الولاء إلى عصبة المرأة ، ولكنه يكون لعصبة ولدها الذين ورثوا ولاءها; لأن ولدها قد أحرزوا ولاءها كما أحرزوا ميراثها . واحتج قائل هذا القول بحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما أحرز الولد أو الوالد فهو لعصبته من كان و (يسبى) " . [ ص: 543 ]

                                                                                                                                                                              وروي عن علي أنه قال : "الولاء شعبة من الرق ، ومن أحرز الولاء أحرز الميراث " .

                                                                                                                                                                              6957 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن عمران بن مسلم ، عن عبد الله بن معقل ، عن علي قال : "الولاء شعبة من الرق ، ومن أحرز الولاء أحرز الميراث " .

                                                                                                                                                                              وروي عن شريح أنه كان يقول : يجري مجرى الأموال لا يرجع .

                                                                                                                                                                              وكان الثوري يقول : إذا انقرض ولدها رجع الولاء إلى عصبة المرأة .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع : روي عن الشعبي أنه قال : إذا ماتت المرأة وتركت موالي فالميراث لولدها والعقل عليهم .

                                                                                                                                                                              وكان ابن أبي ليلى يقضي به . [ ص: 544 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقول عامة أهل العلم أن ولاء الموالي الذكور [لولدها] والعقل على عصبتها .

                                                                                                                                                                              وقد أجمعوا على أن الرجل يرثه أخواته ، وإن جنى جناية كان العقل على العصبة دون من ورثه ، وفي المعتقة نفسها بيان ذلك ، وذلك أن مولاها لو مات ورثته ، ولو جنى المولى جناية كان على عصبتها دونها .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية