الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر دعوة أهل الذمة في النكاح الجائز والفاسد

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا تزوج الرجل المجوسي أمه أو ابنته أو أخته أو امرأة ذات محرم منه فولدت ولدا فهو ولده ، لأنه ولد على فراشه ، وإن كان النكاح فاسدا ، فإن نفى لاعنها ؛ لأن هذا نكاح قد ثبت به النسب ويلزم به المهر ، ولا حد فيه ، وهذا لا أعلمهم يختلفون فيه ، وهكذا قال أبو ثور وأصحاب الرأي : ادعاه أو نفاه سواء وهو ابنه ثابت النسب منه ، وسواء ذكرا كان الولد أو أنثى ، وكذلك النكاح الصحيح ، ولو جحدت المرأة وادعى الزوج الولد فسواء ، وكذلك لو جحد الزوج وادعت المرأة الولد منه ، فأيهما أقام البينة على أصل النكاح فاسدا كان أو جائزا ، فإن الولد يلزمهما جميعا .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : لا ينتفى الولد من النكاح الصحيح والفاسد إلا بلعان ، وسواء تزوج الحر الأمة أو تزوجها العبد ، وإذا تزوجها بغير شهود وأعلنوه ، أو تزوج المجوسي مجوسية ، وكذلك اليهودية والنصرانية إذا جاءت بولد ، فنفاه الزوج لاعنها من كان مسلم أو ذمي ، [ ص: 236 ] ولو أسلما جميعا فجاءت بولد بعدما أسلما بستة أشهر لاعنها .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إذا تزوج المجوسي المجوسية نكاحا صحيحا فنفى ولدها ، فليس له ذلك ، ويلزمه ، لأنه لا لعان بينهما ، وكذلك اليهوديان والنصرانيان ، ولو أسلما جميعا ثم جاءت بولد بعد الإسلام بستة أشهر فصاعدا فنفاه لاعن ، ولزم الولد أمه ، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لاعن ، وكان الولد منهما .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إنما يتلاعنان لنفي الولد ، فإذا أمرهما باللعان ثم لم يغن اللعان عنده شيئا ، فلا معنى للأمر باللعان .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : وكذلك المملوكان يعتقان والحر يشتري امرأته ، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر فلا يستطيع أن ينفيه وهو ابنه ، ولو جاءت به لأكثر من ستة أشهر فنفاه لزم أمه الولد .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : حيث يجب اللعان لا يلاعن ويأمر باللعان مرة ولا ينفي الولد ، وينفي الولد مرة بغير لعان ، وقد أغنى ما ذكرناه عنه من الرد عليه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية