الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرجل يعتق عبده ثم يموت المعتق ولا يدع وارثا غير مولاه الذي أعتقه .

                                                                                                                                                                              6979 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، أن عوسجة مولى ابن عباس أخبره ، عن ابن عباس ، أن رجلا مات ولم يدع أحدا يرثه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ابتغوا " فلم يجدوا أحدا يرثه ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه إلى مولى أعتقه الميت . [ ص: 567 ]

                                                                                                                                                                              وروي معنى هذا عن عمر بن الخطاب أنه قضى بمثل هذه القضية .

                                                                                                                                                                              6980 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : سمعت عكرمة بن خالد يحدث ، أن عمر بن الخطاب قضى بمثل هذه القضية في إنسان لم يجد له وارثا إلا مولاه المعتق الذي عليه الولاء ، فدفع ميراث الذي أعتقه إليه .

                                                                                                                                                                              6981 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن ابن دينار ، عن عطاء بن أبي رباح ، أن قينا في خط بني جمح مات ولم يترك وارثا إلا عبدا هو أعتقه ، فقدم عمر بن الخطاب مكة فرفع ذلك إليه فأمر أن يعطي ميراثه ذلك العبد الذي أعتق . [ ص: 568 ]

                                                                                                                                                                              وكان أحمد بن حنبل يجبن أن يقول بحديث عوسجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الميراث المولى من أسفل ، وقال : عوسجة لا أعرفه .

                                                                                                                                                                              وكان إسحاق بن راهويه يفتي به ، ويحتج بما روي عن عمر .

                                                                                                                                                                              وقال سليمان بن داود ، وأبو خيثمة : يرثه .

                                                                                                                                                                              وفي قول أصحاب الرأي : لا يورث المولى من أسفل .

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من يرى توريث المولى من أسفل قال الذي أعتقه بقول النبي صلى الله عليه وسلم "مولى القوم من أنفسهم " وبأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الصدقة على مواليه كما حرم ذلك على بني عمه ، فجعله كالرجل من العشرة لقوله : "مولى القوم منهم " وتحريمه الصدقة عليه كما حرمها على بني عمه . فالقياس أن يكون الميراث له إذا لم يكن للمعتق من يرثه غيره ، لأنه منهم ، ولما جاء في الحديث "أن الولاء لحمة كلحمة النسب " ، [ ص: 569 ] فكان نسبا كان القياس أن يكون المعتق وارثا كما كان موروثا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية