الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر نفي الرجل الولد من زوجته وهي أمة

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الحر تكون زوجته أمة فتلد ولدا فينفيه الزوج : فقالت طائفة : يلاعن وينفي عنه الولد . هذا قول مالك، والشافعي، وأحمد ، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري ، وأبو الزناد : بينهما ملاعنة . [ ص: 240 ]

                                                                                                                                                                              وقال سفيان الثوري : ليست بينهما ملاعنة . وفي قول أصحاب الرأي : هو ابنهما جميعا ، ولا حد عليه ، ولا لعان إذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا منذ تزوجها .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : إن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها كان النكاح باطلا ، وذلك أنه تزوجها وهي حامل إذا كان حملها من زوج أو مولى ، فأما إن كان من زنا ، فالنكاح يثبت ولا يطأها حتى تضع ، وذلك أن الزنا لا عدة فيه .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : لا يثبت نسبه منه .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : وإن أعتقت الأمة ثم جاءت بولد فنفاه ، فإنه يلاعن .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي : إن جاءت به لأقل من ستة أشهر بعد العتق كان ابنه ، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا ألزم الولد أمه ، وإن اختارت الأمة نفسها قبل اللعان فالولد ابنه ولا حد عليه ولا لعان .

                                                                                                                                                                              وكان أبو ثور يقول : وإذا اشترى الرجل امرأته وهي أمة ، فجاءت بولد فنفاه ، فإن جاءت به لمثل ما تحمل النساء منذ كانت زوجة فإنه يلاعنها ، فإن التعن انتفى عنه الولد ، وإن لم يلاعن كان الولد ولده ، لأنها كانت زوجة فكل ولد ولدته على فراشه لزمه فلا ينتفى عنه إلا بلعان . وفي قول الشافعي : إذا قذفها وهي زوجة حامل ثم اشتراها ، فله أن يلاعن [ ص: 241 ] لينفي الولد عن نفسه . وفي قول أصحاب الرأي : إن جاءت به لستة أشهر فصاعدا بعد الشراء فله أن ينفيه ، وهذا بمنزلة أم ولد ينفيه ما لم يقر به ، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر لزم الولد أباه ولم يكن له أن ينفيه . وقالوا : فإن أعتق الرجل هذه المرأة بعدما اشتراها ، ثم جاءت بولد فنفاه ، فإنه يلزمه إن كان قد دخل بها ما بينه وبين سنتين من يوم اشتراها ويضرب الحد ، وإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر بعد الشراء فإنه ابنه ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فصاعدا لم يلزمه ، ويضرب الحد في الباب الأول ولا يضرب في هذا .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يدخل بامرأته وهي أمة ثم اشتراها ثم باعها فجاءت بولد لستة أشهر بعد الشراء والبيع ولم [تقر ] بانقضاء عدة فنفاه الزوج ، فقال أبو ثور : ولا ينتفي عنه [إلا ] أن يلاعن وذلك أن الحمل قد يكون وهي زوجة ولا ينتفى ولد فراش إلا بلعان . [ ص: 242 ]

                                                                                                                                                                              [ ص: 243 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية