الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر شهادة الأجير والصديق والوكيل

                                                                                                                                                                              كان شريح يقول : لا تجوز شهادة الأجير لمن استأجره ، ولا العبد لسيده وحكي عن الأوزاعي أنه قال : لا تجوز شهادة الأجير لمن استأجره . وقال أصحاب الرأي : لا تجوز شهادة الأجير لمن استأجره إذا كان في تجارته ، وإن كان عدلا نأخذ في ذلك بالثقة ، ونستحسن لما بلغنا عن شريح . وكذلك شهادة الأجير لمعلمه لا تجوز .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : شهادة الأجير جائزة لمن استأجره إذا كان عدلا ، إذا لم [ ص: 286 ] يكن فيما يشهد به شيئا يقبضه هو ، مما يتولاه لمن استأجره ، لأنه حينئذ مدع ، فإما أن يشهد لمن استأجره فيما لا يتولاه الأجير فهو جائز ، ولعل الذي روي عن شريح إنما معناه على ما قلناه ، ولو كان معناه على غير ما قلناه . لم يكن مع من منع من قبول شهادته فيما لا يتولاه حجة ، وهذا على مذهب الشافعي وأبي ثور ، وبه نقول .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وشهادة الوكيل للذي وكله بمنزلة شهادة الأجير ، فأما شهادة الصديق لصديقه فذلك جائز في قول الشافعي وأبي ثور ، وبه نقول . وقال مالك في شهادة [الرجل ذا ] الود للرجل (المصاحب) له يصله ويعطف عليه : لا أرى شهادته له جائزة ، وإذا كان لا يناله معروفه ولا صلته فأرى شهادته جائزة له .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إذا كان الرجل مهاجرا للرجل لغير معنى يجب أن يهجره لذلك المعنى ، فشهد عليه بشهادة فذلك غير مقبول ، لأنه عاص للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " .

                                                                                                                                                                              وقال مالك : إذا كانت هجرته معروفة فلا شهادة له . [ ص: 287 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية