الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              اجتماع العصبة بعضهم أقرب من بعض .

                                                                                                                                                                              6836 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، [ ص: 448 ] عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس . وحدثنا محمد بن إسماعيل - واللفظ له - قال : حدثنا عفان قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ألحقوا الفرائض بأهلها وما بقي فهو لأولى رجل ذكر " .

                                                                                                                                                                              6837 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بالدين قبل الوصية وأنتم تقرؤون : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) ، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ، الإخوة للأب والأم دون الإخوة للأب .

                                                                                                                                                                              6838 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري ، عن أبيه زيد بن ثابت أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت ، وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد قال : وميراث ولاية العصبة الأخ للأم والأب [ ص: 449 ] أولى بالميراث من [الأخ للأب] ، والأخ من الأب أولى بالميراث من ابن الأخ للأب والأم ، وابن الأخ للأب والأم أولى بالميراث من ابن الأخ للأب ، وابن الأخ للأب أولى من ابن [ابن] الأخ للأم والأب ، وابن الأخ للأب أولى من العم أخي الأب للأب والأم ، والعم أخو الأب للأب والأم أولى من العم أخي الأب للأب ، والعم أخو الأب للأب أولى من ابن عم أخي الأب للأب والأم ، وابن العم للأب أولى من عم الأب أخي [أبي] الأب للأب والأم .

                                                                                                                                                                              قال : وكل شيء سئلت عنه من ذلك من ميراث العصبة فإنه على نحو هذا فما سئلت عنه من ذلك فانسب المتوفى ، وانسب من ينازع في (الأولوية) من عصبته ، فإن وجدت أحدا منهم يلقى المتوفى إلى أب لا يلقاه من سواه منهم إلا إلى أب فوق ذلك ، فاجعل الميراث إلى الذي يلقاه الأب الأدنى دون الآخرين ، وإذا وجدتهم كلهم يلقونه إلى أب واحد يجمعهم جميعا ، فانظر أقعدهم في النسب ، وإن كان (ابن أب قط) فاجعل الميراث له دون (الأطراف) ، وإن كان (الأطراف) ابن أم وأب ، فإن وجدتهم مستوين (يتناسبون في) عدد [ ص: 450 ] الآباء إلى عدد واحد حتى (يلقون) نسب المتوفى ، وكانوا كلهم بني أب أو بني أم وأب ، فاجعل الميراث بينهم بالسواء ، وإن كان والد بعضهم أخا والد ذلك المتوفى لأمه وأبيه [وكان والد من سواه إنما هو أخو والد ذلك المتوفى لأبيه فقط ، فإن الميراث لبني الأب والأم] دون بني الأب . قال : والجد أب الأب أولى من ابن الأخ للأم والأب ، وأولى من العم أخي الأب للأم والأب . قال : ولا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئا ، ولا الجد - يعني أبا الأم - يرث برحمه تلك شيئا ، ولا العم أخو الأب للأم يرث برحمه تلك شيئا ، ولا الخال يرث برحمه تلك شيئا ، ولا ترث الجدة أم أبي الأم ، ولا ابنة الأخ للأب والأم ، ولا العمة أخت الأب للأب والأم ، ولا الخالة ، ولا من هو أبعد نسبا ، من المتوفى ممن سمي في هذا الكتاب لا يرث أحد منهم برحمه تلك شيئا .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل المال للعصبة ، وأجمع أهل العلم على القول به .

                                                                                                                                                                              وهذا إذا لم يدع الميت أحدا ممن له فريضة معلومة ، فإن ترك الميت من له فريضة أعطي فرضه ، فإن فضل من المال فضل كان ذلك الفضل [ ص: 451 ] لعصبته من كان عصبته وإن كثروا ، إذا كانوا في التعدد إلى الميت سواء ، وإن كان بعضهم أقرب من بعض كان الأقرب أولى . وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ألحقوا الفرائض بأهلها وما بقي فلأولى رجل ذكر " . وقد استغنيت مما في حديث زيد بن ثابت من تفسير العصبات عن إعادته إذ ذلك تفسير بين فيه مقنع لمن نظر فيه ، وفهمه ، وأهل العلم مجمعون على القول بجمله ، ومختلفون في بعض فروعه .

                                                                                                                                                                              فمما اختلفوا فيه : إذا خلف الميت ابني عم أحدهما أخ لأم .

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في رجل خلف ابني عم أحدهما أخ لأم .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : الأخ من الأم أحق بالميراث ، روي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن مسعود ، وبه قال الحسن ، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              6839 - حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن زياد مولى عبيد بن عمير ، عن عبيد بن عمير قال : أتي ابن مسعود في ابني عم أحدهما أخ لأم فقال : المال للأخ من الأم .

                                                                                                                                                                              6840 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا محمد بن سالم ، عن الشعبي أن عبد الله بن مسعود جعل المال للأخ من الأم .

                                                                                                                                                                              6841 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : أتانا كتاب عمر بن الخطاب ، أو قرئ علينا : إذا كانوا بني عم وأخا لأم فهو أحقهم بالميراث . [ ص: 452 ]

                                                                                                                                                                              6842 - ورواه عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : أتانا كتاب عمر أنهم إذا كانوا بني عم أحدهم أخ لأم فهو أحق بالمال - يعني الميراث .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا الصحيح .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : يعطى الأخ من الأم سهمه ويقسم الباقي بينهما ، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت .

                                                                                                                                                                              6843 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أبو غسان قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، أنه أتي بفريضة ابني عم أحدهما أخ لأم ، فقال : أعطاه عبد الله المال كله ، فقال : يرحم الله ابن مسعود إن كان لفقيها ، لكني أعطيه سهما من قبل أمه ، ثم أقسم المال بينهم .

                                                                                                                                                                              6844 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا حماد ، عن الحجاج بن أرطاة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، وزيد بن ثابت أنهما قالا : للزوج النصف ، وللأخ من الأم السدس ، وما بقي فبينهما نصفان . [ ص: 453 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال سفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من يقول بقول عمر ، وعبد الله بن مسعود بأنهم قد أجمعوا في أخوين أحدهما لأب وأم ، والآخر للأب ، أن المال للأخ من الأب والأم ، لأنه أقرب بأم ، ولم يجعلوا للأخ من الأم السدس ، لأنه أخ من أم ثم يقسموا المال بينهما ، لأنهما أخوان لأب ، فكذلك ابنا العم إذا كان أحدهما أخا لأم ، فالمال له قياسا على ما أجمعوا عليه من الأخوين .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية