الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الولاء للكبر وتفسيره

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فإذا مات رجل وترك ابنين وترك مولى ، فإن ولاءه بينهما ، فإن مات أحدهما وخلف ابنا ثم مات المولى : ففي قول من يجعل الولاء للكبر : يجعل ميراث المولى لابن الميت دون ابن أخيه .

                                                                                                                                                                              وممن قال أن الولاء للكبر : عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت .

                                                                                                                                                                              6958 - حدثونا عن بندار قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا : الولاء للكبر . [ ص: 545 ]

                                                                                                                                                                              6959 - حدثنا علي بن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، أن عليا وزيدا وعمر كانوا يجعلون الولاء للكبر .

                                                                                                                                                                              6960 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : "خاصم القاسم بن محمد إلى ابن الزبير في مولى لعائشة توفي ، فخاصمه بنو عبد الرحمن بن أبي بكر ، وكان القاسم أقرب إلى عائشة ، وكان عبد الرحمن أخا عائشة لأبيها وأمها ، وكان القاسم أخا عائشة لأبيها ، فقضى به ابن الزبير لبني عبد الله بن عبد الرحمن ، وكانوا أبعد بأب . قال ابن أبي مليكة : فخاف علينا ابن الزبير عنين . قال ابن أبي مليكة : فلما كان عبد الملك قيل للقاسم خاصم فإنك تدرك . فقال القاسم : قد خاصمت يومئذ ، ولو أعطيت شيئا أخذت ، فأما اليوم فلا أخاصم " .

                                                                                                                                                                              6961 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا الحجبي ، قال أبو عوانة : عن المغيرة ، عن إبراهيم ، في رجلين ورثا مولى كان أعتقه أبوهما ، ثم مات أحدهما وترك ولدا ، قال عبد الله وعلي وزيد بن ثابت : الولاء للأكابر . [ ص: 546 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال طاوس ، وعطاء ، والزهري ، وقتادة ، وابن سيرين ، وأبو الزناد ، وابن قسيط ، وهو قول سفيان الثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وأبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد بن حنبل : روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا : "الولاء للكبر " ، وهكذا نقول ، وهو قول أكثر الناس أحمد يقوله .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان وهو : إن الولاء يورث كما يورث المال ، فمن أحرز الميراث أحرز الولاء ، روي عن الزبير أنه قال : يحوز الولاء الذي يحوز الميراث . وكان شريح يقول : يجري الولاء مجرى المال .

                                                                                                                                                                              6962 - حدثنا أبو أحمد قال : أخبرنا جعفر بن عون قال : أخبرنا مسعر ، عن عمران بن رياح ، عن ابن معقل قال : قال علي : الولاء شعبة من الرق ، فمن أحرز الولاء أحرز ميراثا . [ ص: 547 ]

                                                                                                                                                                              6963 - حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء ، أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ورث عائشة أم المؤمنين ومات عبد الرحمن قبلها ، وورث عبد الله بن عبد الرحمن عائشة ثم مات عبد الله [وترك] بنيه ، ومات ذكوان مولى عائشة والقاسم بن محمد بن أبي بكر حي ، فورث ابن الزبير ابني عبد الله بن عبد الرحمن ذكوانا ، وترك القاسم والقاسم أحق ، قال عطاء : فعيب ذلك عليه ، وجعل القاسم يكلم في ذلك فقال : ماذا أتبع في ذلك .

                                                                                                                                                                              6964 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن ابن الزبير قال : يحوز الولاء الذي يحوز الميراث .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فإذا مات الرجل وترك ثلاثة بنين ، ثم مات البنون الثلاث وترك أحدهم ابنين ، والثاني ثلاثة بنين ، والثالث أربعة بنين ، ثم مات المولى المعتق ، فإن مال المولى مقسوم بينهم على تسعة أسهم ، لكل واحد منهم سهم ، كما لو مات الجد في هذا الوقت لورثوه على هذا المال ، ولو ظهر للجد مال كان قسمه خلاف هذا القسم كان للاثنين الثلث وللثلاثة الثلث ، وللأربعة الثلث ، وذلك حصة كل فريق [ ص: 548 ] منهم مما ورثوه عن آبائهم من المال الذي كانوا يستحقونه ميراثا عن أبيهم أعني الجد .

                                                                                                                                                                              وفي القول الآخر : يجب أن يقسم ميراث المولى كما يقسم مال لو ظهر للجد يكون لابني الابن الثلث ، والثلث الثاني بين بني الابن الثلاثة ، والثلث الثالث بين بني الابن الأربع كأنهم جعلوا ميراث الولاء كميراث المال .

                                                                                                                                                                              وقال قائل : يحتمل قول من قال : من أحرز الميراث أحرز الولاء يعني من أحرز الميراث من عصبة المعتق يوم يموت المعتق أحرز الولاء فلا يكون خلافا لقول من قال : الولاء للكبر ، ولو جاز أن يحمل على الرجال والنساء فيكون هذا خلاف قول أهل العلم .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية