الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إقرار بعض الورثة بوارث لا يعرف

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الرجل يموت ويترك ورثة معروفين فيقر بعضهم بوارث لا يعرف .

                                                                                                                                                                              فكان سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح ، وشريك يقولون : تقام الفريضة وليس المقر به فيهم ، وتقام والمقر به فيهم ، ثم يضرب إحدى الفريضتين في الأخرى ، فما بلغ قسم بينهم ، فينظر كم نصيب المقر إذا كان المقر به فيهم ، وكم نصيبه إذا لم يكن فيهم ، فيخرج من يده فضل ما بينهما ليدفع إلى المقر به ، فإن لم يكن في يده فضل وكان الذي يصيبه في حال الإنكار مثل ما يصيبه في حال الإقرار ، لم يدفع إلى المقر به شيئا ، لأنه لم يقر له بشيء في يده ، إنما أقر أن له شيئا في يد غيره ، فلا يقبل إقراره على غيره . وبهذا قال يحيى بن آدم ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، [ ص: 492 ] وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وكان النعمان يقول : إذا أقرت الأخت للأب والأم بأخ لأب ، وقد ورث معها العصبة أنها تعطي نصف ما في يدها ، لأنها أقرت أن المال بينهما نصفان فما كان في يدها منه فهو بينهما نصفان ، وكان ابن أبي ليلى يقول : لا أعطيه مما في [يدها] شيئا [لأنها] أقرت له بما في أيدي العصبة ، وكان النعمان يقول : إذا كانا ابنين لرجل توفي ، فأقر أحدهما بأخ من أبيه ، يعطى المقر نصف ما في يديه ، وكان ابن أبي ليلى يقول : يعطيه الثلث مما في يديه; لأن أخاه الآخر قد ظلمه ، فلا يدخل بظلمه على ذلك المقر ، ولا يثبت نسبه في قول واحد منهما .

                                                                                                                                                                              وفي هذا الباب قول ثالث : وهو أن النسب إذا لم يثبت لم يأخذ شيئا ، وهكذا كل من أقر به [وهو] وارث فكان إقراره لا يثبت نسبه ، فالقياس أن لا يأخذ شيئا من قبل أنه إذا كان وارثا بحق النسب كان موروثا ، فإذا لم يثبت النسب حتى يكون موروثا به لم يجز أن يكون وارثا به ، هذا قول الشافعي . [ ص: 493 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية