[ ص: 69 ] المجلس الخامس
في قصة عاد
الحمد لله المنزه عن الأشباه والأسماء والأوصاف ، المقدس عن الجوارح والآلات والأطراف ، خضعت لعزته الأكوان وأقرت عن اعتراف ، وانقادت له القلوب وهي في انقيادها تخاف ، أنزل القطر فمنه الدر تحويه الأصداف ، ومنه قوت البذور يربي الضعاف .
كشف للمتقين اليقين فشهدوا ، وأقامهم في الليل فسهروا وشهدوا ، وأراهم عيب الدنيا فرفضوا وزهدوا ، وقالوا : نحن أضياف .
وقضى على المخالفين بالبعاد فأفاتهم التوفيق والإسعاد ، فكلهم هام في الضلال وما عاد واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف .
أحمده على ستر الخطايا والاقتراف ، وأصلي على رسوله محمد الذي أنزل عليه قاف ، وعلى صاحبه أبي بكر الذي أمن ببيعته الخلاف ، وعلى عمر صاحب العدل والإنصاف ، وعلى عثمان الصابر على الشهادة صبر النظاف ، وعلى علي بن أبي طالب محبوب أهل السنة الظراف ، وعلى عمه العباس مقدم أهل البيت والأشراف .
قال الله : واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف الأخ في القرآن على أربعة أوجه :
أحدها : الأخ من الأب والأم أو من أحدهما ، ومنه : فطوعت له نفسه قتل أخيه
والثاني : الأخ من القبيلة ومنه . واذكر أخا عاد .
والثالث : الإخاء في المتابعة ، ومنه : كانوا إخوان الشياطين .
والرابع : الصاحب ومنه قوله تعالى : إن هذا أخي .
والإنذار : الإعلام مع التخويف ، والأحقاف : الرمال العظام ، واحدها حقف .
وفي مكان هذه الأحقاف ثلاثة أقوال :
أحدها : بالشام قاله ابن عباس .
[ ص: 70 ] والثاني : بين عمان ومهيرة ، قاله عطية .
والثالث : أرض يقال لها الشحر نحو البحر ، قاله قتادة :
وقال ابن إسحاق : كانت منازلهم فيما بين عمان إلى حضرموت باليمن كله ، وكانوا قد فسدوا في الأرض وقهروا أهلها بفضل قوتهم ، وكانوا أصحاب أوثان فاتبعه ناس يسير ، وكتموا إيمانهم ، قال مقاتل : كان طول كل رجل منهم اثني عشر ذراعا ، وقال مجاهد : وكان الرجل منهم لا يحتلم حتى يبلغ مائتي سنة ! .


