الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الكلام على قوله تعالى :

          ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به


          في سبب نزولها ثلاثة أقوال :

          أحدها : أن أهل الأديان اختصموا ، فقال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل : مثل ذلك ، وقال المسلمون : كتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا خاتم الأنبياء ، فنزلت هذه الآية ، رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما .

          والثاني : أن العرب قالت لا نبعث ولا نحاسب ولا نعذب ، فنزلت قاله مجاهد .

          والثالث : أن اليهود والنصارى قالوا : لا يدخل الجنة غيرنا ، وقالت قريش لا نبعث ، فنزلت هذه الآية قاله عكرمة .

          وقال الزجاج : اسم ليس مضمر ، والمعنى ليس ثواب الله بأمانيكم ، وقد جاء ما يدل على الثواب وهو قوله تعالى : سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار وأنسوا المعاصي والجزاء واقع بالعاصي .

          [ ص: 122 ] أخبرنا ابن الحصين ، قال أنبأنا ابن المذهب ، أنبأنا أبو بكر بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي حدثنا وكيع ، حدثنا ابن أبي خالد ، عن أبي بكر بن زهير الثقفي ، قال : لما نزلت : ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به قال أبو بكر : يا رسول الله إنا لنجازى بكل سوء نعمله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحمك الله ، ألست تنصب ألست تحزن ؟ أليس تصيبك اللأواء ؟ فهذا ما تجزون به .

          وأخرج مسلم في أفراده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت : من يعمل سوءا يجز به بلغت من المسلمين مبلغا شديدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قاربوا وسددوا ، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة ، حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها .

          واعلم أن المؤمن إذا جوزي بذنب عجل له جزاؤه في الدنيا .

          أخبرنا محمد بن عبد الله بن نصر ، أنبأنا طراد وأخبرنا علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي أخبرنا محمد بن عمر ، أخبرنا أحمد بن ملاعب ، حدثنا عفان ، عن حماد بن سلمة حدثنا يونس ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل ، أن رجلا أتى امرأة كانت في الجاهلية بغيا فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها ، فقالت المرأة : مه إن الله تعالى ذهب بالشرك وجاء بالإسلام ، فولى الرجل فأصاب وجهه جدار فأدماه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : أنت عبد أراد الله بك خيرا ، إن الله إذا أراد بعبد خيرا عجل له عقوبة ذنبه ، وإذا أراد بعبد شرا أمسك عنه حتى يوافى به يوم القيامة كأنه بعير .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية