الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الكلام على قوله تعالى :

          ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق


          روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر بمكة : " دماؤكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض " .

          أخبرنا هبة الله بن الحصين ، أنبأنا الحسن بن علي بن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، قال : قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء " .

          قال أحمد : وحدثنا أبو النضر ، حدثنا إسحاق بن سعيد ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لن يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما " .

          انفرد بإخراج هذا الحديث البخاري واتفقا على الذي قبله .

          أخبرنا علي بن عبيد الله ، أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، أخبرنا أبو حفص الكناني ، حدثنا البغوي ، حدثنا محمد بن عباد المكي ، حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل ، عن بشير يعني ابن المهاجر ، عن ابن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا " .

          واعلم أن الله عز وجل اختار هذا اليوم لاستشهاد الحسين .

          أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا مهدي ، عن محمد بن أبي يعقوب ، عن ابن [ ص: 417 ] أبي نعم ، قال جاء رجل إلى ابن عمر وأنا جالس عنده فسأله عن دم البعوض فقال له : ممن أنت ؟ قال : من أهل العراق . قال : انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هما ريحانتاي من الدنيا " .

          انفرد بإخراجه البخاري .

          أخبرنا الكروخي ، أنبأنا أبو عامر الأزدي . وأبو بكر الغورجي ، أنبأنا الجراحي ، حدثنا المحبوبي ، حدثنا الترمذي حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن ابن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " .

          قال الترمذي : هذا حديث صحيح .

          أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا الجوهري ، حدثنا ابن معروف ، حدثنا ابن صاعد ، حدثنا يوسف بن موسى القطان ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي ذر ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني " يعني الحسن والحسين عليهما السلام . أخبرنا علي بن عبد الله ، أخبرنا علي بن أحمد بن البشري ، أخبرنا عبيد الله بن محمد بن ريطة إذنا ، قال : حدثني أبو صالح محمد بن أحمد ، حدثنا محمد بن عبيد الله البصري ، حدثنا عبيد الله بن محمد العبسي ، حدثنا أبان بن أبي عياش ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، قالت : كان جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم وحسين معي فبكى فتركته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذته فبكى فأرسلته فذهب إليه فقال له جبريل : أتحبه يا محمد فقال : نعم . فقال : إن أمتك ستقتله فإن شئت أريتك تربة أرضه التي يقتل بها . فبسط جناحه إلى الأرض التي يقتل بها يقال لها كربلاء وأخذ بجناحه فأراه إياه . قال حماد : فأخبرني أبان أو غيره أن الحسين لما نزل كربلاء شم الأرض وسألهم عن اسمها فقالوا : كربلاء ، فقال كرب وبلاء فقتل بها .

          [ ص: 418 ] وروى عبد الله بن نجي ، عن أبيه أنه سار مع علي عليه السلام وكان صاحب مطهرته فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين نادى علي : اصبر أبا عبد الله ، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات . قلت : وما ذاك ؟ قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان قلت : يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات وقال لي : هل لك أن أشمك من تربته قلت : نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية