الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          وأما في الإسلام ففضائله كثيرة .

          وهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وعند كعب يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النسب .

          أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيوية ، أنبأنا أبو الحسن بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، حدثنا محمد بن سعد ، أنبأنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، حدثنا القاسم بن عثمان البصري ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : خرج عمر متقلدا السيف فلقيه رجل من بني زهرة ، قال : أين تعمد يا عمر ؟ فقال : أريد أن أقتل محمدا ، قال : وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا ؟ قال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك الذي أنت عليه ، قال : أفلا أدلك على العجب يا عمر ؟ إن ختنك وأختك قد صبآ وتركا دينك الذي أنت عليه ، فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم ؟ قال : وكانوا يقرؤون : طه فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا ، قال : فأعلمكما قد صبأتما ، فقال له ختنه : أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا ، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده فدمى وجهها ، فقالت وهي غضبى : يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله .

          فلما يئس عمر قال : أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه ، فقالت : إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون ، فقم فاغتسل أو توضأ ، فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قوله : إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري فقال عمر : دلوني على محمد ، فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال أبشر يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام .


          قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا ، فانطلق عمر حتى أتى الدار قال : وعلى باب الدار طلحة وحمزة وأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى [ ص: 339 ] حمزة وجل القوم من عمر قال حمزة : نعم ، فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم وإن يكن غير ذلك يكن قتله علينا هينا ، قال : والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : ما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك ما أنزل بالوليد بن المغيرة ! اللهم هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ، فقال عمر : أشهد أنك رسول الله ، فأسلم ، وقال : اخرج يا رسول الله .

          وقد روي أنه لما أسلم قال :


          الحمد لله الذي وجبت له علينا أيادي ما لها غير     وقد بدأنا فكذبنا وقال لنا
          صدق الحديث نبي عنده الخبر     وقد ظلمت ابنة الخطاب ثم هدى
          ربي عشية قالوا قد هدي عمر     وقد ندمت على ما كان من زلل
          بلطمها حين تتلى عندها السور     لما دعت ربها ذا العرش جاهدة
          والدمع من عينها عجلان يبتدر     أيقنت أن الذي تدعوه خالقها
          فكاد يسبقني من عبرة درر     فقلت أشهد أن الله خالقنا
          وأن أحمد فينا اليوم مشتهر     نبي صدق أتى بالحق من ثقة
          وافي الأمانة ما في عوده خور



          التالي السابق


          الخدمات العلمية