الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          سجع على قوله تعالى : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر

          يا من يخطر في ثياب الغفلة يتبختر ويتجبر ، وقبائحه تكتب وهو لا يحس ويزبر ، بين يديك يوم قريب ما يتأخر ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر يا متعرضا بالذنب والعقاب ، يا غافلا عن يوم السؤال والجواب ، يا مبارزا بالمعاصي رب الأرباب ، من أعظم جرأة منك على العذاب قل لي ومن أصبر ، نسيت معادك وأطلت أملك ، وأعرضت إلى الهوى عن أمر من ملك ، ولو رفعت والله عملك إلى ملك أعظم ذلك وأكبر ، لقد أناح التقصير والتمادي ببابك ، وقل أن يعبق بريح الثواب شيء من أثوابك ، والشيطان يجري منك مجرى الدم من آرابك ، فهو متمكن منك إذا قمت في محرابك إلى حين قولك الله أكبر .

          تقوك إلى صلاتك وأنت متكاسل ، وتدخل في الصلاة بقلب غافل ، وتستعجل في الصلاة لأجل العاجل ، وإذا نظرت بعد الصلاة إلى الحاصل : فالجسد أقبل والقلب أدبر .

          يا من ذل المعاصي يعلوه ، يا مظلم القلب متى تجلوه ، هذا القرآن يتلى عليك وتتلوه ولكن ما تتدبر .

          يا مغترا بالزخارف والتمويه ، تعجب بما تجمعه من الدنيا وتحويه ، هلك والله ذو [ ص: 261 ] عجب أو كبر أو تيه ، ونجا والله أشعث أغبر ، أنت في دار انزعاج فاحذر منها لا تركن إليها ولا تأمنها ، إنما أسكنتها لتخرج عنها ، فتأهب للنقلة فما يستوطن معبر ، أين من كان يتنعم في قصورها قد فسح لنفسه في توانيها وقصورها ، خدعته والله بغرير غرورها بعد أن ساس الرعايا ودبر ، نقلته والله صريعا سريعا ، وسلبته والله ما جمعه جميعا ، وبزته كبرا كبيرا وعزا منيعا ، أتراه يفتخر في قبره أو يتكبر ، خلا بعمله في ظلام لحده لم ينفعه غير اجتهاده وجده ، لو قضي برجوعه إلى الدنيا ورده لحدثنا بهذا أو أخبر .

          فتنبه أنت من رقداتك ، وكن وصي نفسك في حياتك ، فلقد بالغت الزواجر في عظاتك ، كم تسمع موعظة وكم تجلس تحت منبر ، يا لها من نصيحة لو وجدت نفاذا ، هي حجة عليك إذا لم تكن ملاذا ، والشيء إذا لم ينفع فربما آذى ، وأنت يا هذا بعد هذا بنفسك أخبر .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية