الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الكلام على البسملة


          وضح البيان وأنت في غرر الهوى متشاغل ببطالة وتصابي     ترتاح في حلل المشيب منعما
          أأخذت ميثاقا من الأوصاب     كم ناظر قد راق حسنا ناظرا
          أبلاه بالآفات شر مصاب     لم يغن عنه جماله وكماله
          ومقام ملك في أعز نصاب [ ص: 256 ]     وأتاه من حرب المنون معاجل
          صعب شديد الوهن غير محاب     فرأى اكتساب يديه ليس بنافع
          ودعا ذويه فكان غير مجاب     وحواه لحد ضيق متهدم
          يعلوه كرب جنادل وتراب     فأفق لنفسك والزمان مساعد
          وأطع نصيحك ساعيا لصواب     وارجع إلى مولاك حقا تائبا
          من قبل أن تعيى برد جواب

          ألا متيقظ لما بين يديه ، ألا متأهب للقدوم عليه ، ألا عامر للقبر قبل الوصول إليه .


          تسمع فإن الموت ينذر بالصوت     وبادر بساعات التقى ساعة الموت
          وإن كنت لا تدري متى أنت ميت     فإنك تدري أن لا بد من موت

          إخواني : إنما العمر مراحل ، وكأن قد بلغت سفينة الراحل .

          دخلوا على أعرابي يعودونه فقالوا : كم أتى عليك ؟ فقال : خمسون ومائة سنة . فقالوا : عمر والله . فقال : لا تقولوا ذلك فوالله لو استكملتموها لاستقللتموها .

          إخواني : من أخطأته سهام المنية قيده عقال الهرم ، إن لكل سفر زادا فتزودوا لسفركم التقوى ، وكونوا كمن عاين ما أعد له ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ، والله ما بسط أمل من لا يدري : أيصبح إذا أمسى أو يمسي إذا أصبح .


          لا تحسبن الزمان ينسئك الــ     ـقرض ولكنه يدا بيد
          يعطيك يوما فيقتضيك غدا     مريرة من مريرة الحسد
          يسرق الشيء من قواك وإن     كان خفيا عن أعين الرمد
          حالا فحالا حتى يرديك     بالكبرة بعد الشباب والغيد

          إخواني : إن العبر قد وضحت ، وإن النذر قد نصحت ، وإن المواعظ قد أفصحت ، ولكن النفوس من سكرها ما صحت ، أين الهم المجتمع تفرق فما تنتفع ، يدعوك الهوى فتتبع ويحدثك المنى فتستمع ، كم زجرك ناصح فلم تطع ، وصل الصالحون يا منقطع ، أما الذي عاقك هو مختدع ، شروا بما يفنى ما يبقى ولم تشر ولم تبع ، أين تعبهم نسخ بالروح ولم يضع ، تلمح العواقب فلتلمحك العقل وضع ، كأنه ما شبع ، من جاع ولا جاع من شبع ، أين الهمم المجدة ، أين النفوس المستعدة ، أين المتأهب قبل الشدة ، أين المتيقظ قبل انقضاء المدة ، عاتب نفسك على قبح الشيم ، وحذرها من مثمرات الحزن والندم ، وامنعها تخليطها فقد طال السقم ، وذكرها لحاقها بمن قد سبق من الأمم ، واحضر معها باب الفكر فإنه نعم الحكم ، ونادها في الخلوات إلى كم مع السبات وكم .


          رب حتف بين أثناء الأمل     وحياة المرء ظل ينتقل
          [ ص: 257 ] لو نجا شيء تحت صارية     يهجر السهل ويجبل الجبل
          أين من كان خفي شخصه     مثل قد السير إلى عض قتل
          أين من يسلم من صرف الردى     حكم الموت علينا فعدل
          وكأنا لا نرى ما قد نرى     وخطوب الدهر فينا تنتضل
          فرويدا بظلام صبحه     فهي الأيام والدهر دول

          التالي السابق


          الخدمات العلمية