الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          [ ص: 311 ] المجلس السابع والعشرون

          في قصة نبينا صلى الله عليه وسلم في ابتداء أمره

          الحمد لله قاهر المتجبر ومذله ، ورافع المتواضع ومجله ، القريب من عبده فهو أقرب من ظله ، وهو عند المنكسر لأجله حال ذله ، لا يعزب عن سمعه وقع القطر في أضعف طله ، ولا بغام ظبي البر وكشيش صله ، ولا يغيب عن بصره في الدجى دبيب نملة ، رفع من شاء بإعزازه كما حط من شاء بذله ، اختار محمدا من الخلق فكأن الكل خلقوا من أجله هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله .

          أحمده على أجل الإنعام وأقله ، وأشهد بوحدانيته شهادة مصدق قوله بفعله ، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله لنقض الكفر وحله ، فقام معجزه ينادي : فأتوا بسورة من مثله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر الصديق واصل حبله ، وعلى عمر الذي كان يفرق الشيطان من ظله ، وعلى عثمان مجهز جيش العسرة وعاقد شمله ، وعلى علي أخيه وابن عمه ومقدم أهله ، وعلى عمه العباس صنو أبيه وأصله .

          اللهم يا من جميع الخلائق مفتقرون إلى فضله ، يا منعما بالجزيل على من ليس من أهله ، سامح كلا منا في جده وهزله ، وارزقنا إقدام شجاع ولي العدو وجمعه ولم يوله ، وارحمنا يوم يذهل كل خليل عن خله ، وانفعني والحاضرين بما اجتمعنا لأجله .

          قال الله تعالى : هو الذي أرسل رسوله بالهدى .

          اعلموا أن نبينا صلى الله عليه وسلم المصطفى على الخلق كلهم ، صان الله أباه من زلة الزنا .

          أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أبو عمر بن حيوية أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحارث بن أبي أسامة ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا محمد بن عمر الأسلمي ، أنبأنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهل ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خرجت من لدن آدم من نكاح غير سفاح " .

          [ ص: 312 ] قال علماء السير : لما حملت به آمنة قالت : ما وجدت له ثقلا .

          وكانت ولادته يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول ، وقال بعضهم : لعشر خلون منه .

          فلما ظهر خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب .

          وتوفي أبوه وهو حمل ، فخلف له خمسة أجمال وقطعة غنم وأم أيمن كانت تحضنه .

          وماتت أمه وهو ابن ست سنين . وكفله جده عبد المطلب ، ومات وهو ابن ثمان سنين وأوصى به أبا طالب .

          وكان يسمى في صغره الأمين .

          وكانت آيات النبوة تظهر عليه قبل النبوة ، فكان يرى النور والضوء ، ولا يمر بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله ، وقال : " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن " .

          ثم رميت الشياطين بالشهب لمبعثه .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية